بغداد - أ ف ب - بعد ان قُتل ابنه صاحب السنوات الست، خلال اشتباكات في بغداد عام 2006، رحل سيف رشيد مع عائلته إلى سورية بحثاً عن الامن، لكن التوتر والاضطرابات التي عمت سورية أرغمته على العودة الى بلاده من جديد في 24 حزيران (يونيو). وقف رشيد (ثلاثون عاماً)، وهو مصمم احذية، في بغداد وسط حشد من آخرين امثاله امام المركز الوطني لتسجيل اللاجئين الواقع في جانب الرصافة ببغداد. ويتسنى للعائلات المسجلة في هذه الدائرة الحصول على دعم مالي من الحكومة قدره أربعة ملايين دينار (حوالى 3,400 دولار) للمساعدة في تنظيم عودتهم الى مناطقهم. وفقدت معظم هذه العائلات كل ما لديها لدى هروبها من اعمال العنف الطائفي التي اجتاحت العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003. يتذكر رشيد، الذي كان عاطلاً من العمل، طيلةَ فترة غيابه عن البلاد، قائلاً: «عندما رأيت جثة ابني الصغير عبد الله، لم أستطع البقاء في بلدي، الذي عمت فيه الكراهية، وقررت الرحيل مع زوجتي وبناتي الاثنتين». وتوفي عبد الله اثر إصابته برصاصة طائشة خلال اشتباكات وقعت في السابع من تموز (يوليو) 2011، في منطقة الاعظمية في شمال بغداد. وقرر رشيد آنذاك الرحيل الى سورية والعيش في منطقة كفر باطنه، إحدى نواحي العاصمة السورية دمشق، لأنه كان من دون عمل والحياة هناك رخيصة. لكن التظاهرات التي بدأت في 15 آذار (مارس) الماضي، غيرت حياة العراقيين، الذين تركوا بلادهم ولجأوا الى سورية بحثاً عن الامن. وقال رشيد: «كانت هناك تظاهرات، وقاموا بإحراق المباني العامة وجداريات... وجرت اعتقالات، حتى أصبحت الاوضاع هناك لا تُحتمل». وتابع: «لذلك حزمنا حقائبنا وغادرنا من جديد». وكانت سورية الملاذَ الآمن بالنسبة لكثير من العراقيين الهاربين من اعمال العنف، التي بدات العام 2004 وبلغت ذروتها في عامي 2006 و2007. وفي العام 2004، اصيب الجندي السابق يعقوب خلف نصيف (45 عاماً) في بطنه وساقه، خلال اشتباكات بين جماعات اسلامية مسلحة. وفرَّ نصيف، وهو أبٌ لخمسة اطفال وكان يقيم في منطقة بالقرب من أبو غريب (20 كلم عن بغداد)، الى الأردن ثم توجه الى دمشق، حيث عمل على جمع علب المشروبات الغازية وبيعها لكسب رزق عائلته. وقال نصيف، الذي عاد الى بغداد منذ يومين، إن «العاصمة السورية كانت هادئة، ولكن هناك فوضى في الاماكن الاخرى، وانا ذقت طعم الحرب الطائفية وإراقة الدماء (في العراق) ولا أريد ان أعيش وسط موجه جديدة من العنف». وأضاف نصيف، الذي مازال يبحث عن منزل لعائلته قبل إحضارها الى بغداد: «أنا على قناعة بأن ما يجري في سورية هو حرب طائفية». وتقول آيات سعد، المسؤولة عن مركز تسجيل اللاجئين: «نستقبل يومياً بين ستين الى سبعين عائلة عائدة الى البلاد». وأكدت ان «الغالبية، حوالى عشرين عائلة منها، تعود من سورية كل يوم، أما الآخرون، فهم عائدون من مصر والاردن واليمن وليبيا». وأكدت المنظمة الدولية للهجرة لوكالة «فرانس برس»، انه «منذ الاول من ايار (مايو) عادت 1,171 عائلة بينهم 7000 شخص من سورية وثلاثة ارباع هؤلاء استقروا في بغداد» وأشارت الى أنه «ليس لدينا اي أدلة حتى الآن بأن هذه العودة الكبيرة سببها الاضطرابات في سورية». وتقوم وزارة الهجرة بمساعدة العائلات على تسوية الرسوم الخاصة بالكهرباء والماء والهواتف المتوجبة خلال فترة الغياب، اضافة الى تسهيل العودة الى منازلهم التي وضع آخرون اليد عليها. وقال قحطان صبري (61 عاماً) الذي غادر الى سورية عام 2005، إن «الوضع الامني كان يسوء يوماً بعد يوم، وتصاعد القتال الطائفي، فتركت عملي وقررت العودة الى العراق، عندما ادركت ان الوضع الامني افضل في بلادي». وأكد صبري: «عدت الى عملي كنجار، الآن اعمل بحرية، ولن أغادر بلدي من جديد».