شهدت جادة الملك سلمان بن عبد العزيز التي تمتد من ميناء الحصن إلى «زيتونة بي» على خاصرة بيروت البحرية مساء أول من أمس، تجمعاً سياسياً حاشداً للاحتفال بتسميتها باسم خادم الحرمين الشريفين، وهي المرة الأولى التي يطلق اسم عاهل سعودي على جادة في لبنان. وحضر الاحتفال رئيس الحكومة سعد الحريري والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والقائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية لدى لبنان الوزير المفوض وليد بخاري. كما حضر الرئيس ميشال سليمان ورؤساء الحكومة السابقون تمام سلام، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، وممثلون عن المراجع الروحية وشخصيات ديبلوماسية وحزبية (الكتائب و «التيار الوطني الحر). وحملت مجموعات من مناصري «تيار المستقبل» الذين حضروا من مناطق عدة خصوصاً من الشمال صوراً لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الحريري. ورددوا هتافات للحريري. وشدد بخاري في كلمة على أن «تدشين جادة الملك سلمان بن عبد العزيز على هذه الواجهة البحرية، عروس البحر وعروس المتوسط، لدلالة جامعة بين عروبة البحر ومداه وبين حضارة الجبل وصداه». وقال: «كم هي رائعة هذه المبادرة التي تحاكي روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله، والذي فاضت روحه على مقربة من هذا المكان، لتكون نافذة لبنان الجميل على العرب وعلى العالم جمعاء. نافذة تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين الذي كان للرئيس الشهيد وما زالت له مكانة كبيرة في قلبه وعقله». وأعرب عن سعادته «برؤية هذا البلد العزيز سالماً مطمئناً وسائراً نحو تثبيت استقراره ودوره الريادي، كما عهدناه، باعتباره جوهرة الاعتدال والعيش المشترك وملتقى لأصحاب الرسالات السماوية السمحاء وعلامة من علامات الانفتاح والثقافة والتسامح والحوار». وأكد بخاري أن «المملكة العربية السعودية، ستبقى وبتوجيه من القيادة الرشيدة، ضنينة على سلامة لبنان وأمنه واستقراره والمحافظة على وحدته الوطنية ووحدة أبنائه بكل أطيافهم ومذاهبهم»، مثنياً «على جهود رؤساء الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والحريري، في مواجهة الصعاب لتثبيت دعائم السلام والاستقرار وتحريك عجلة التنمية المستدامة. والعلاقات السعودية - اللبنانية راسخة وستبقى كالأرز متجذرة، صلبة وثابتة». وقال الحريري: «بيروت تجتمع بكل أطيافها اليوم للاحتفال برفع اسم الملك سلمان بن عبدالعزيز على واجهتها البحرية، لتكريم قامة عربية كبيرة، وقفت إلى جانب لبنان في أصعب الظروف، ولتكرِّم من خلاله، المملكة التي لها في تاريخ العلاقة مع بلدنا، صفحات مجيدة من الخير والدعم، وهي الشقيقة الكبرى التي ترجمت المعاني الحقيقية للأخوَّة، برعايتها اتفاق الطائف وإنهاء المأساة اللبنانية، ومدّ يد العون إلى لبنان في كل المراحل والأزمات». وشدد على ان «ما بين لبنان والسعودية تاريخ لن ينكسر مهما سعوا الى ذلك سبيلاً. وهذه الأمسية البيروتية رسالة واضحة، بأن عروبة لبنان تتقدم على كل الولاءات والمحاور والمعادلات». وكان رئيس مجلس بلدية بيروت جمال عيتاني لفت الى أن الجادة «شريان حيوي يضخ الحياة في عروق الاقتصاد ويمثل نقطة التقاء سياحي وثقافي متميز لجميع السكان والزائرين على السواء». وأبدت مصادر سياسية مواكبة للقاء الثلاثي الذي عقد ليلاً وضم الحريري وجنبلاط وجعجع في حضور العلولا، وبخاري ارتياحها الى الأجواء التي سادته، خصوصاً أنه شكل مناسبة لتجاوز الندوب التي أصابت علاقة الأطراف اللبنانيين الثلاثة بسبب تحالفات الانتخابات النيابية.ولفتت المصادر نفسها الى أن خلوة جمعت الحريري وجنبلاط وجعجع في حضور العلولا وبخاري على هامش مأدبة العشاء التي أقامها الأخير على شرف القيادات السياسية والروحية وعدد من النواب والوزراء الذين شاركوا في الاحتفال الذي أقيم لتدشين جادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على الواجهة البحرية لبيروت. وأكدت أنه تم التركيز في الخلوة على مستقبل العلاقة بين «تيار المستقبل» و «التقدمي» و «القوات» في ضوء ما أصابها من ندوب وخلافات وتحديداً بين الحريري من جهة وجنبلاط وجعجع من جهة ثانية، وقالت إنهم أجمعوا على تجاوز هذه المرحلة لأنه لم يعد في الإمكان إدخال أي تعديلات على اللوائح الانتخابية بعد تسجيلها لدى وزارة الداخلية. واعتبروا - وفق المصادر - أن ما كتب في التحالفات الانتخابية قد كتب، لكن هذا لا يمنع من تجاوز مرحلة تركيب اللوائح لمصلحة التأسيس لمرحلة جديدة تقوم على التنسيق في العناوين السياسية الكبرى، نظراً الى ما يجمع بينهم من أمور مشتركة. وقالت إنه جرى أيضاً استعراض للوضع في المنطقة وتحديداً ما يحصل في سورية وما يتطلب من الجميع العمل على تحصين الوضع الداخلي في لبنان واعتباره أولوية. كما تمتأكيد أن دقة المرحلة التي تشهدها المنطقة تستدعي أيضاً التشاور لتعزيز مشروع الدولة في لبنان على حساب المشاريع الأخرى.