غيب الموت المطربة سعاد محمد في منزلها بالقاهرة، عن عمر يناهز 85 سنة، بعد صراع طويل مع المرض ومشوار غني بالعطاء قدمت خلاله ما يزيد على ثلاثة آلاف أغنية وموشح وموال في مسيرة حافلة بين الإذاعات المصرية واللبنانية، إلى جانب السورية التي انطلقت منها. ولدت سعاد محمد في لبنان، لأب من أصول مصرية هاجر من محافظة أسيوط، في 14 شباط (فبراير) 1926. وبدأ مشوارها الفني بأداء الموشحات في «إذاعة دمشق»، وهناك تعهدها الملحن محمد محسن. وفي حياة سعاد محمد خطوات مهمة ومتميزة، كانت تمثل نقاط القوة في مشوارها مع الأغنية العربية، إذ قدمت أغنيات ما زالت تمثل بصمة حقيقية لكل مستمعي الطرب الشرقي الأصيل، ومن بين هذه الأغنيات «أوعدك» و«وحشتني» و«من غير حب» و«طلع البدر علينا» و «مين السبب في الحب» و«أمنت بالله». دخلت سعاد محمد السينما عبر بطولة فيلمين فقط، هما «فتاة من فلسطين» (1948) وهو أول فيلم عن مأساة فلسطين قام ببطولته وأخرجه المصري محمود ذو الفقار (1912-1970). كما شاركت في بطولة فيلم «أنا وحدي» (1952) الذي قدّمت فيه واحدة من أشهر أغنياتها «فتح الهوا الشباك» والتي ما زالت تتردد حتى الآن. كما قدمت العديد من الأغنيات لأشهر مؤلفي وملحني زمانها وأبرزها قصيدة الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي «إذا الشعب يوماً أراد الحياة». ولم تعد سعاد محمد، بعد ذلك إلى التمثيل، بل اكتفت بالأداء الصوتي لفيلمي «بمبة كشر» من بطولة نادية الجندي، و «الشيماء أخت الرسول» (1972) الذي أدت بطولته سميرة أحمد، وغنت أغاني الفيلمين بطريقة الدوبلاج لبطلتي الفيلمين، إذ كانت تقترب من السينما في حذر شديد، وركزت كل نشاطها الفني على الأغنية علماً أن انطلاقتها الحقيقية كانت من مدينة الغناء آنذاك، حلب السورية. وذاع صيت سعاد محمد في الخمسينات وبداية الستينات، فتبنى صوتها الملحن محمد محسن وجاء بها إلى القاهرة لتنطلق بقوة من الإذاعة المصرية، وتتعاون مع كبار صناع الطرب في الوطن العربي، وعلى رأسهم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي. واشتهرت سعاد محمد بأنها أم الأبناء والبنات، إذ أنجبت من زيجتيها الأولى والثانية، عشرة أبناء وبنات، بينما لم تنجب من الزيجة الثالثة. وكان لمكتشفها الأول الكاتب الصحافي محمد علي فتوح دور كبير في نجاحها وانتشارها، إذ ساعدها كثيراً في بداية مشوارها الغنائي في القاهرة ولم يقف عقبة في طريقها. لكن رحلتها الفنية تأثرت بكثرة الغياب عن الساحة، بسبب عمليات الحمل والإنجاب على مدى 15 عاماً. ولم يكن قد مضى على انفصالها إلا سنوات قليلة حينما تزوجت من زوجها الثاني المهندس المصري محمد بيبرس وأنجبت منه أربعة أبناء، وتم الانفصال لتتزوج للمرة الثالثة من رجل أعمال لبناني لم تنجب منه وانفصلت عنه قبل وفاتها بسنوات عدة. ومن أشهر أغاني سعاد محمد «أوعدك» و«وحشتني»، وهما أكثر الأغاني التي يرددها مطربو هذه الأيام، بل قام البعض بتسجيلها في ألبومات غنائية مثل خالد عجاج وشاهيناز اللذين سجلا أغنية «وحشتني»، وسجل محمد منير إحدى أغنياتها أيضاً. ومن روائعها أيضاً: «من غير حب»، و«فتح الهوى الشباك»، و«مظلومة»، و«يا حبيبتي يا غالية»، و«بقى أنت كدة»، والمرتاحين»، و«من ينجد الملهوف»، «الله ع الحب»، ومن الموشحات «يا مائس القلب» و«ما احتيالي يا رفاقي». كما قدمت الأغنية الدينية خصوصاً أغاني فيلم «الشيماء أخت الرسول»، كما غنت سعاد محمد «الأطلال» و«هو صحيح الهوى غلاب»، و«غني لي شوي شوي» وهي الأغنيات التي قدمتها أم كلثوم كما غنت أغنية «بقى عايز تنساني» التي غناها فريد الأطرش.