رضخت قناة فضائية سعودية لموجة استياء سادت مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، إثر تحويلها حادثة وفاة والد أحد المشاركين في برامج الواقع إلى «مادة إعلامية دسمة»، تسوق بها لبرنامجها الواقعي الذي يبث على مدار الساعة، بهدف جذب عدد أكبر من المشاهدين، في مشهد وصفه مشاهدون بأنه «تجرد من المشاعر الإنسانية»، ما دعا إلى المطالبة بمحاسبة القناة ومسؤوليها. وتصل العقوبة المنصوص عليها في الأنظمة إلى الغرامة عشرة ملايين ريال، أو الإيقاف عن مزاولة المهنة مدة لا تزيد على ستة أشهر، أو إلغاء الترخيص. إلا أن القناة استبقت ذلك معلنة إيقاف عدد من موظفيها. وتسبب مشهد من برنامج «حياتك» الواقعي الذي تبثه قناة «بداية»، المحسوبة على القنوات «الدينية» في انتقادات وردود فعل جماهيرية كبرى، بعدما استغل مذيع البرنامج فاجعة وفاة والد أحد المتسابقين لزيادة عدد متابعي البرنامج، بإبلاغ المتسابق الشاب بخبر وفاة والده على الهواء مباشرة، ما أثار استنكار المتابعين. واستنفر المشهد حقوقيين وقانونيين ومختصين في الشأن الإنساني، واصفين ما جرى بأنه «غير إنساني»، موثقة بذلك صدمته الأولى في تلقي الخبر، ما دعا إلى المطالبة بمحاسبة القناة على تصرفها «غير المسؤول»، وذلك وفقاً للأنظمة المتبعة في وزارة الثقافة والإعلام. المشهد جاء ضمن النسخة الثانية من برنامج «حياتك» التي انطلقت في شباط (فبراير) الماضي، وتستمر 90 يوماً على القناة، مثيراً استياءً واسعاً في أوساط المتابعين، فيما لاقى البرنامج الذي وصفته القناة ب«المهتم بحياة المتسابقين الذاتية والوطنية والاقتصادية، بهدف تأصيل روح الوطنية والحفاظ على الوطن بزرع بذرات الأمن والأمان فيه، وتحمل المسؤولية تجاه النفس والأسرة والمجتمع»، انتقادات واسعة بعد أن تم تداوله على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي. وحمَّلت القناة معدي الفقرة مسؤولية المشهد المنتقد، متنصلة من مسؤولية ما بُثَّ، وأكدت في تصريحات على لسان رئيس مجلس إدارة القناة عبدالعزيز العريفي، إيقاف الموظفين المسؤولين عن إبلاغ المتسابق بخبر وفاة والده على الهواء مباشرة، واصفاً تصرفهم ب«الأحمق». بدوره، استنكر المحامي والمستشار القانوني سلطان المخلفي المشهد «غير المسؤول» الذي بثته القناة المحسوبة على القنوات الدينية الاجتماعية، مؤكداً تجاوزها لوائح وأنظمة نظام الإعلام المرئي والمسموع، وقال ل«الحياة» إن ما قامت به قناة بداية الفضائية، يعتبر عدم احترام «للذات الإنسانية»، وعدم احترام للمشاعر سواء للمشارك أم للمتابعين، واصفاً ذلك ب«أسوأ أنواع استغلال المشاعر الإنسانية في سبيل الكسب المادي والحصول على عدد أكبر من المتابعين وخلق جو من الإثارة. وأضاف: «ما قامت به القناة يعرضها لعقوبة مخالفة الفقرة السادسة من المادة الخامسة للوائح نظام الإعلام المرئي والمسوع، الذي حرص على احترام الذات الإنسانية، وتنص العقوبات بحسب المادة ال17 في النظام، على أن يعاقب كل من يخالف أحكام النظام أو اللائحة بعقوبة أو أكثر بغرامة لا تزيد على عشرة ملايين ريال، أو الإيقاف عن مزاولة المهنة مدة لا تزيد على ستة أشهر، أو إلغاء الترخيص، فيما تنص المادة على أن يكون تحصيل الغرامة مشمولاً بالنفاذ المعجل، وللهيئة استعادة أي عائد مالي حصل عليه المخالف نتيجة المخالفة، فيما تضاعف الغرامة المحكوم بها أو المقررة في حال تكرار المخالفة، أو استمرارها، أو عدم تصحيحها خلال المهلة التي تحددها الهيئة. وتنص الفقرة السادسة من المادة الخامسة من النظام، الذي يهدف إلى تنظيم نشاط الإعلام المرئي والمسموع داخل المملكة وتطويره، والعمل على توفير البيئة الاستثمارية الملائمة له، والعمل على أن يكون محتواه متسقاً والسياسة الإعلامية للمملكة، على وجوب احترام الذات الإنسانية لكل من يمارس نشاطاً أو مهنة في مجال الإعلام المرئي والمسموع، والتقيد بضوابط المحتوى الإعلامي». يُذكر أن قناة «بداية» التي انطلقت في حزيران (يونيو) 2005 باسم «زواج»، أثارت جدلاً واسعاً في عدد من البرامج واللقاءات التي بثتها، وخضعت بحسب تصريحات رسمية سابقة لعدد من التحقيقات، حتى أوقف بث القناة من وزارة الثقافة والإعلام السعودية في يونيو 2017، بسبب «تجاوزات ومخالفات قانونية في شريط رسائل ال SMS المتحرك في القناة»، إلا أن بثها أعيد في آب (أغسطس) 2017.