يبدو أن الاهتمام بتربية النحل بالطرق التقليدية المعتادة الضاربة في جذور التاريخ من دون تطور مع جودة المخرجات سيظل قائماً في حال تحد أمام ثورات عصر رقمي. وظهر في مهرجان العسل والسمن الذي انطلقت فعالياته أول من أمس في محافظة الطائف أن الانخراط في هذه المهنة المضني جني ثمارها، يحظى باهتمام واضح من المتخصصين الشعبيين ذوي الخبرة الممتدة على مدى عقود خشية الاندثارن من خلال إعداد شبان غالبيتهم من أبناء البادية مازالوا في مقتبل العمر، بغية التحليق بهذه المهنة في المستقبل التي تعد في نظر البعض مصنعاً للرجولة. ووقف هؤلاء الشبان بفخر أمام عروضهم ضمن فعاليات مهرجان المحافظة السياحية، وقفة واثقة من خطاها مليئة بحصيلة إثرائية تشبع نهم المتعطشين من الزوار بعيدة عن التفكير في التقهقر والانهزامية. وأوضح الخبير في مجال تربية النحل رزق الله العيلي أن التعامل مع التقنية الحديثة مقتصر على التسويق لدى البعض وليس الكل، موضحاً أن من بين أصناف النحل نوعاً يسمى الهجين وهو مسالم لا يؤذي الإنسان سوى حال تعرضه لمثيرات تحفز لديه العدوانية. والمح إلى صنف آخر يتعايش مع الطبيعة من دون تدخل بشري وهو عدواني بدرجة حادة ولا يمكن التعامل معه والاستفادة من إنتاجه إلا من جانب المتمرسين، مؤكداً أن المبتدئين يجدون صعوبة بالغة في التعامل مع هذا الصنف ويلزمهم أخذ مشورة الخبراء. وقال: «نحن كنحالين في جبال السروات لدينا قوانين مستقاة من العرف القبلي ولا تزال صامدة ومتداولة في صفوفنا»، مبيناً أن وجود أعواد الأشجار أمام المنحل البري لهذا النوع من النحل يعطي دلالة على أنه تم العثور عليه مسبقاً وجيرت ملكيته، ومن الضروري الالتزام بالقانون وعدم مخالفته بتغيير المعالم، مشيراً إلى أن هذا التصرف يعد «أمانة على عواتقنا وجميعنا يراعيها». وفي المقابل طرقت حواء باب عالم الشهد وشرعت في فك أسراره ورموزه، باعتبارها التجربة الأولى التي تسجل خلالها المرأة حضوراً في هذه المناسبة في دورتها الثانية وتمارس عمليات البيع علناً مع بنات جنسها في وقت تتجه فيه الأنظار إلي تأنيث المحال التجارية الخاصة بالمستلزمات النسائية، فأثبتت النساء كفاءة وقدرة، وأخذن في شرح كيفية استخدام مشتقات العسل في أدوات التجميل ومعالجة البشرة وجوانب عدة خاصة بالمرأة. وأمام هذا الزخم اللافت للأنظار، أعلنت التقنية الحديثة تدخلاً حافلاً بقفزات في هذا الاتجاه، إذ كشف عميد كلية العلوم في جامعة الطائف الدكتور صالح بازيد ل «الحياة» إطلاق الجامعة أبحاثاً متخصصة في النحل دخلت عامها الثاني وأمام إعلان نتائجها النهائية مساحة من الوقت قد تتطلب أشهراً عدة، متفائلاً بأنها ستحمل في طياتها إضافات حديثة لمصلحة النحالين. وبين أن النتائج الأولية تعطي مؤشرات جيدة، مشيراً إلى أن النتائج الأولية ترجمت إلي لغات أخرى بطلب من بعض الجامعات. وقال الدكتور بازيد إن الجامعة تقوم بعدد من البحوث والدراسات العلمية المتخصصة التي تخدم المجتمع علي المستويين الوطني والمحلي، مؤكداً أن أبحاث العسل التي دعمتها الجامعة من أهم الأبحاث التي تم نشرها على المستوى العالمي حديثاً في أوراق علمية محكمة، وأوضحت الدراسات التي أجريت على عدد من أنواع العسل المحلي والمستورد (سدر طائفي وسدر كشميري ويمني وغيرها) قدرة العسل على مقاومة الأنشطة البكتيرية الممرضة. وأضاف أنه تم رصد قدرة العسل على مقاومة وعلاج الكثير من الإصابات البكتيرية وإيقاف نشاطها، كما تبين وجود تباين في مستوى النشاط «ضد بكتيري» لأنواع العسل التي تم فحصها في هذه الدراسات، إضافة إلى أن النتائج لم تظهر علاقة بين لون العسل وقوة هذا النشاط، وأوصت الأبحاث بضرورة استخدام العسل لعلاج العدوى أو الإصابة بالبكتيريا الممرضة.