قبل أسبوعين انتقلت إلى رحمة الخالق الطفلة أشواق بعد 16 سنة من المعاناة، فقد رفض والدها الاعتراف بها هي (تحديداً)، وتركت من دون حتى شهادة تبليغ، ومن دون أوراق ثبوتية، ومن دون تعليم. قتلها السرطان، وماتت في مكة، وعندما حان وقت دفنها، كان لزاماً على من رفضها طوال هذه السنوات أن يستخرج لها أوراقاً ثبوتية ليتمكن من استخراج شهادة وفاة لطفلة لم تعش كالأطفال، ولم تمت مثلهم أيضاً.. فهل أتساءل عن مسؤولية مَن؟ وبالطبع ستمر هذه المعلومة بلا عقوبات كما مرت على الجهاز المهم الذي وافق أن يقوم أب باستخراج أوراق ثبوتية لابنته بعد 16 عاماً، ولم يتم التبليغ عنه لمعرفة سبب تأخره! أرسلت لي العديد من الزوجات رسالة تقطر دماً كونها تجعلك تقف أمامها حائراً، لماذا تتحمل المرأة أخطاء الرجل؟ ولماذا يرتبط مصيرها بموافقته؟ ولماذا عليها أن تحصل على رضاه واقتناعه لأمر عاجل ومهم يخص النواحي الاقتصادية التي قصّر هو عن تحملها؟ أرسلت لي آخرهن رسالة تقول فيها إنها عانت الأمرين من إدمان زوجها العاطل عن العمل، وقامت بإدخاله المركز العلاجي مرات عدة، وتقدمت للضمان الاجتماعي حتى تحصل على إعانة تحميها من الحاجة للناس، وتوفّر لها الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية في ظل غياب الزوج ورفضه ترك المخدرات، ففوجئت بطلب من المركز العلاجي يفيدها بضرورة إحضار زوجها للتقويم، وسؤالها: زوجي يرفض الدخول، ويرفض المتابعة وأنا من دون دخل، وأعيش على صدقات الناس المتقطعة، لا أريد طلاقه لأني أخشى على أولادي منه، وأخشى أن أقوم بإدخاله مرة أخرى عن طريق المكافحة، فيقوم بتطليقي كما هدد، وأخشى أن أفصح عما بي لأهلي فيقومون بسحبي من عنده، ويرفضون أخذي لأولادي، ولا أستطيع تركهم مع متعاطٍ.. كنت فقط أريد الحصول على ما يمكنني من سد رمق أطفالي الذين لا يجدون ما يأكلونه في بيتهم، ولا ذنب لهم ولا لي في إدمان والدهم مع المخدرات التي يعيش معها! سؤالي، عندما أقرت الدولة مشكورة المساعدة المذكورة، كانت لأهل وأسرة المدمن الواجب عليه إعالتهم في المقام الأول، ثم له شخصياً لو ثبت التزامه بالبرنامج العلاجي، وكان غير متزوج، أما أن تلحق الحالتان ببعضهما، وتتمسك المراكز المعنية بالشروط نفسها، وهي حضوره الشخصي، خصوصاً وأن المركز يملك دليلاً على تعاطيه، وهو الملف الطبي.. وقد تصعب الحالة لو كان الزوج المدمن لم يراجع أي مركز علاجي، وهذا هو واجب الضمان الاجتماعي من البحث عن حالة الأسرة، والسؤال عنها على أرض الواقع، لإقرار الإعانة لهم من عدمها. هل تعجز مراكز علاج الإدمان عن عقد اتفاق مع الضمان الاجتماعي، يوفر على الزوجات ذل السؤال، ومشقة المتابعة، ومشاوير الذهاب والإياب التي تنتهي بطلب حضور المتعاطي نفسه، والذي قد يرفض، أو قد لا يحضر أصلاً، فهل أترك حقوقاً أقرتها الدولة للمتضررين من إدمان زوج أو أب (تحت رحمته وتحت مزاجيته)، أم أتحرك لمساعدتهم وأبحث عن إجراءات جدية تحقق هذا الغرض الإنساني، ولا تتنافى مع السرية؟ وهذا مجرد سؤال.. هنَّ يستغثن بصوت واهن.. هنَّ الدرر المكنونة اللاتي ترفضون خروجهن من الشرنقة.. هنَّ يطرحن السؤال، إلى من يلجأن؟! [email protected]