رحب المدّعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان القاضي دانيال بلمار، بقرار قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين تصديقَ قرار الاتهام الذي قدّمه إليه في شأن اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري في 14 شباط (فبراير) 2005، وأدّى كذلك الى مقتل 21 شخصاً آخر وإصابة ما لا يقلّ عن 231 شخصاً». وأوضح بيان صادر عن مكتب بلمار، أن «قاضي الإجراءات التمهيديّة وافق أيضاً على طلب المدّعي العام إصدار مذكرات توقيف بحقّ الأشخاص المدرجة أسماؤهم في قرار الاتهام المذكور، وطلب إلى السلطات اللبنانية تنفيذ تلك المذكرات. وعملاً بقرار القاضي فرانسين، يبقى مضمون قرار التصديق وقرار الاتهام سريّاً، ولا يُعلَن عنه إلاّ بقرار منه». وزاد البيان أن قرار فرانسين «يُعتبر تقدّماً مهماً، لأنه يمثّل أوّل مراجعة قضائية مستقلّة لعمل مكتب المدّعي العام، وتصديقه قرار الاتهام يعني اقتناعه بوجود أدلّة كافية لإحالة المتهمين على المحاكمة. ويبقى الأشخاص المتهمون أبرياء حتى تثبت إدانتهم من دون أدنى شكّ معقول أمام غرفة الدرجة الأولى لدى المحكمة». أضاف البيان: «أما تصديق قرار الاتهام، فليس إلا خطوة ثانية في الإجراءات القضائية، فالتحقيقات مازالت مستمرّة في مكتب المدعي العام، وكذلك العمل استعداداً للمحاكمة. ويمكن للمدعي العام أن يقدّم قرارات اتهام إضافية الى قاضي الإجراءات التمهيدية في أي مرحلة». ولفت البيان الى ان «قرار الاتهام المصدّق نتيجةٌ لما شهده مكتب المدّعي العام من جهود بذلها فريق عمل مقتدر، ومن تفانٍ في العمل، ومن ساعات طويلة من التحقيق، وهو في المقام الأوّل ثمرة التزام الشعب اللبناني التزاماً ثابتاً بوضع حدٍّ للإفلات من العقاب في لبنان». وتوجّه بلمار «بالشكر إلى الشعب اللبناني وأُسَر الضحايا على ما تحلّوا به من صبرٍ»، وأمل في «أن يجدّد هذا التصديق ثقتهم في عزمنا على كشف الحقيقة. أما تقديم المتّهمين الى القضاء، فيتطلب التمسّك بسيادة القانون، والتعاون المتواصل من قبل السلطات اللبنانية، والدّعم من المجتمع الدولي». وفي بيروت، نقلت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) تأكيدَ المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، الذي كان تسلَّم اول من امس من وفد من المحكمة القرارَ الاتهامي ومذكرات التوقيف الاربع المرفقة معه، أن «الاجراءات القانونية لتنفيذ مذكرات التوقيف أخذت طريقها إلى التنفيذ وفقاً للأصول منذ (اول من) أمس». واجتمع ميرزا بعد ظهر امس مع وزير العدل شكيب قرطباوي، وناقش معه أموراً قانونية تتعلق بتنفيذ مضمون المذكرات. بدوره، أكد وزير الداخلية مروان شربل لوكالة «فرانس برس»، أن أسماء المتهمين الأربعة الذين وردت أسماؤهم في مذكرات التوقيف هي نفسها التي تداولتها وسائل الاعلام اول من امس. وقال إنه تسلم «رسمياً في التاسعة صباح امس، من النيابة العامة مذكرات التوقيف». واستغرب شربل «كيف يكون القرار الاتهامي سرياً والأسماء وصلت الى وسائل الإعلام قبل أن تصلنا»، مشيراً الى أن هذا الأمر «أفقدنا عنصر المفاجأة في عملية البحث عن المتهمين وتوقيفهم». وأوضح ان «القوى الأمنية ستبدأ عملية جمع المعلومات والبحث عن المتهمين وتحديد أماكن تواجدهم تمهيداً لمحاولة توقيفهم». وقال إن «المسار القضائي يأخذ مجراه الطبيعي، لكن لا نعلم ما اذا كنا سنخرج منه بسلة فارغة أم ملآنة»، مشيراً الى وجود «بين 15 ألفاً الى عشرين ألف مذكرة توقيف في لبنان لم نتمكن من تنفيذها، لأننا عاجزون عن إيجاد أصحابها الذين قد يموتون أو يسافرون ولا نعرف بهم». واعتبر شربل أن القرار الاتهامي «قرار أمني»، داعياً «الى عدم إدخال الأمن في السياسة، وإلى التعامل بروية وحكمة مع القرار مراعاةً للوضع الأمني، لأنه إذا انفجر الوضع، لا يعود هناك قرار اتهامي ولا بلد». ولاحقاً، صدر عن المكتب الإعلامي لشربل بيانٌ نفى فيه ان يكون صدر عنه «أي تصريح عن الانتماء السياسي او الحزبي للأشخاص الذين شملتهم مذكرات التوقيف». «سنداهم منازل المطلوبين» ورصدت وكالة «الأنباء المركزية» تصريحات اخرى للوزير شربل اكد فيها «ان الامن مستتب ولن يحصل شيء عقب صدور القرار الاتهامي لأننا واعون ومدركون جيداً صعوبة هذا الموضوع، ونحن على تنسيق كامل مع الجيش»، موضحاً انه «ربما تحصل بعض التظاهرات ابتهاجاً الا انها ستكون مراقبة وتحت السيطرة بدءاً من مدينة طرابلس الى المناطق اللبنانية كافة». وقال عن آلية تنفيذ مذكرات التوقيف: «لم نتبلّغ كقوى أمنية رسمياً هذه المذكرات لكننا حتماً سننفذها بالطرق التي نراها مناسبة، لأن لا احد قادر على رفض تنفيذ القرار الاتهامي، واننا كقوى أمنية سنقوم بواجبنا، سنداهم منازل المطلوبين الذين صدرت في حقهم مذكرات التوقيف فإذا وجدناهم سنسلمهم للسلطات المعنية واذا فرّوا سنبلّغ السلطات القضائية بذلك». وكانت جمعية «اصدقاء جورج حاوي» املت في بيان ان «تجتاز الحكومة اول اختبار نوعي، ولا شك ان تنفيذ التبليغات والتوقيفات هو الطريق الى ما اسماه الرئيس نجيب ميقاتي تفويت الفرصة على الراغبين باستهداف الوطن ودفعه الى الفتنة». وطمأنت الى ان «احداً لن يتهم جماعة سياسية او حزبية في حد ذاتها وكل شيء متروك لمجريات المحكمة».