تمثل «خطة الطاقة الشمسية 2030» التي وقع عليها في نيويورك أول من أمس ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية، مع رئيس مجلس إدارة صندوق رؤية «سوفت بنك» ماسايوشي سون، إطاراً جديداً لتطوير قطاع الطاقة الشمسية في المملكة، بدأ بمحطتين شمسيتين بقدرة 3 غيغاواط و4.2 غيغاواط ستكونان جاهزتين بحلول عام 2019، إضافة إلى - بحسب ما جاء في تفاصيل المشروع في مذكرة التفاهم - تصنيع وتطوير الالواح الشمسية في السعودية لتوليد الطاقة الشمسية بقدرة ما بين 150 غيغاواط و200 غيغاواط بحلول 2030. وتعكس الرسالة المرجوة من المشروع النظرة الشاملة لاستغلال وتوظيف مقدرات المملكة العربية السعودية، والحرص على استثمار كل مواردها الطبيعية لخدمة الأجيال الحالية والمقبلة، إذ تتوافر فيها مواد أولية رئيسة تستخدم في صناعة الألواح الشمسية وموصّلاته، وتعد المملكة الدولة الوحيدة التي تتوفر فيها هذه الخاصية، ما يؤشر إلى صدارة سعودية عالمية جديدة. وفي مجال السليكا تتوافر في المملكة سليكا عالية النقاوة، فضلا عن النحاس، والمواد المصنعة للبلاستيك، ما يمنح المشروع قدرة على مواصلة الإنتاج بكلفة أقل، قياساً إلى التكاليف الباهظة حال استيرادها من الخارج. ويعزز جدوى المشروع الطلب المتنامي على الطاقة، بالتزامن مع المشاريع التي جرى إطلاقها أخيراً في المملكة، إضافة إلى توفر الأراضي الشاسعة والمواد المطلوبة، ما جعل الطريق مُهيئاً لانطلاقة عملاقة في هذا القطاع الحيوي للطاقة في المنطقة والعالم. وفي ما يتعلق بفرص العمل، فإنه مع بدء العمل في المشروع وقطع شوط فيه سيتم استقطاب الوظائف عالية الكفاءة من المواطنين السعوديين الموهوبين والمؤهلين، ومع دخول 2030 ستقترب الوظائف من 100 ألف وظيفة. الخط الزمني للمشروع تمر «خطة الطاقة الشمسية 2030» بمراحل عدة، تمثل كل منها نقطة رئيسة في انطلاقة المشروع الأكبر والأضخم عالمياً، إذ تتبع هذه الخطة محطات ارتكاز رئيسة قائمة على حقيقة تطابق الشعارات مع الطموحات وتنفيذها على أرض الواقع في زمن قياسي، ففي تشرين الأول (أكتوبر) 2017 تم توقيع مذكرة تفاهم بين صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق رؤية «سوفت بنك» لإنشاء «خطة الطاقة الشمسية 2030»، على هامش أعمال مبادرة مستقبل الاستثمار(FII) في الرياض. وفي آذار (مارس) الجاري وقع ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، مذكرة تفاهم موسعة مع رئيس مجلس الإدارة لصندوق رؤية «سوفت بنك» ماسايوشي سون، مذكرة لإنشاء «خطة الطاقة الشمسية 2030». وفي أيار (مايو) المقبل ستكتمل دراسات الجدوى بين الطرفين حول المشروع، فيما يبدأ العمل الفعلي بالمشروع في 2018، على أن تبدأ باكورة الإنتاج في 2019. عام واحد فقط يفصل المجتمع السعودي عن انطلاقة «خطة الطاقة الشمسية 2030» التي تعد ملحمة استثمارية كبرى، فيما يفصل المجتمع عن باكورة إنتاج المشروع عامان فقط، تبدأ بعدهما المملكة العربية السعودية الاحتفاء بباكورة إنتاج المشروع. 1.5 سنت لكل كيلواوت يسعى مشروع خطة الطاقة الشمسية 2030 إلى تحقيق سعر كلفة يبدأ من 2.5 سنت لكل كيلواوت في الساعة، ويصل في 2030 إلى 1.5 سنت/ كيلوواط ساعة، الذي يعد أقل سعر لإنتاج الطاقة الشمسية منذ بدأ العمل بهذه التقنية. ويشير الاتفاق - بحسب ما جاء في مذكرة التفاهم - إلى أن دراسات الجدوى بين الطرفين حول هذا المشروع ستكتمل بحلول أيار ( مايو) 2018، كما يشير إلى أن الطرفين ملتزمان استكشاف تصنيع وتطوير أنظمة تخزين الطاقة الشمسية في السعودية، وتأسيس شركات متخصصة للأبحاث وتطوير الواح الطاقة الشمسية بكميات تجارية في السعودية تسمح بتسويقها محليا وعالميا، وإنتاج الالواح الشمسية بقدرة تقدر ب200 غيغاواط في السعودية وتوزيعها عالميا، إضافة إلى استكشاف الفرص المتعلقة بتأسيس صناعات في مجال منظومات توليد الطاقة وبطارياتها في المملكة، والتي من شأنها أن تساعد في دعم تنويع القطاعات وخلق فرص العمل في مجال التقنيات المتقدمة. ويسعى المشروع إلى إطلاق عمليات بحثية واسعة لتطوير كفاءة الخلايا الشمسية، وتطوير أنظمة تخزين الطاقة الشمسية، عبر شركات متخصصة في الأبحاث، إضافة إلى ترسيخ سمعة المملكة باعتبارها مصدر الأمان العالمي في الطاقة المستدامة، التي سيزداد الطلب عليها في المستقبل، إضافة إلى احتفاظ المملكة العربية بصدارتها السابقة والحالية في مجال الطاقة عامة. مشاهدة المشروع من الفضاء الخارجي يعد مشروع خطة الطاقة الشمسية 2030 المشروع الأضخم في العالم، إذ تبلغ مساحة الألواح الشمسية فيه مساحة اكبر من مساحة طوكيو ومن ضخامة هذه الألواح يمكن مشاهدتها من الفضاء، ونظراً إلى توفر المواد الخام للمشروع (السليكا) بالمملكة فإنها ستقدم هذه المواد للمشروع مجاناً، إضافة إلى بقية المواد الخام الأخرى، مثل النحاس والأسلاك المعدنية، وكذلك وجود الشركات المنتجة لهذه المواد والمعروفة عالميا بجودتها سيعطي المشروع ميزة نوعية للمملكة العربية السعودية، قد لا تتوفر في غيرها من الدول. كما يسهم اكتشاف الغاز في المملكة العربية السعودية، وتحديدا في البحر الأحمر، في إعطاء قيمة نوعية مضافة إلى سلاسل الامداد لصهر السليكا الداخلة في انتاج الألواح الشمسية لهذا المشروع، الذي يشكل في أهميته اكتشاف النفط في المملكة.