يذهب لبنان إلى مؤتمر «سيدر» في باريس بعد ثمانية أيام، حاملاً الرؤية الاقتصادية والاجتماعية، متسلّحاً بتوقعات متفائلة أوحت بها أجواء الاجتماع التحضيري في باريس الإثنين الماضي للفريق المولج بمتابعة التحضيرات لهذا المؤتمر الدولي. إذ كشف المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء اللبناني نديم المنلا في لقاء أمس، أن أجواء الاجتماع «كانت مشجعة ويمكن الخروج بنتائج مرضية». وقال: «ثمانية أيام تفصلنا عن مؤتمر «سيدر» الذي سيُعقد الجمعة المقبل في باريس». وذكّر بأن من أصل مبلغ العشرة بلايين دولار للمرحلة الأولى من البرنامج الاستثماري، «نسبة تتراوح بين 30 و40 في المئة أي 3 بلايين دولار إلى 4 بلايين، ستتأمن من الشراكة بين القطاعين العام والخاص». وأكد أن «الجزء المتبقي من المبلغ يمكن تأمينه من المؤتمر، استناداً إلى أجواء الاجتماع التحضيري». ولفت إلى أن «الإعلام يتناول المؤتمر بأكثر من طريقة، وترِد معلومات غير دقيقة وأخرى مغلوطة»، من دون أن يغفل «البعد السياسي والانتخابي في نقاش هذا الأمر، الذي يُشوّه ربما في بعض النواحي». وأعلن المنلا أن الرؤية الاقتصادية والاجتماعية «تقوم على أربع ركائز، تتمثل الأولى في دور ريادي ورئيسي للقطاع العام لإعادة تحريك عجلة الاقتصاد، من هنا وُضع برنامج استثمار وطني يتعاطى بالبنى التحتية الأساسية». وأفضت الاجتماعات مع الجهات المعنية المحلية إلى «برنامج استثماري يمتد ثماني سنوات و12 سنة في أجزاء منه، كما ينقسم إلى مرحلتين يصل مجموعهما إلى 17 بليون دولار، موزع على قطاعات البنى التحتية الحيوية وتلحظان توزيعاً مناطقياً». أما الركيزة الثانية، فتقضي ب «الانضباط المالي أو خفض العجز في المالية العامة»، ولاحظ المنلا أن موازنتي 2017 والعام الحالي «أخذتا هذا المنحى وتحديداً هذه السنة، ويُتوقع أن يكون العجز فيها أقل من العام الماضي». وشدد على أن الهدف «واضح» في هذه الركيزة، وهو «خفض العجز كنسبة من الناتج المحلي بحدود 5 في المئة على مدى السنوات الخمس المقبلة، أي بمعدل واحد في المئة سنوياً». وتقوم الركيزة الثالثة «على رزمة الإصلاحات القطاعية والهيكلية، التي يجب أن تواكب الإنفاق في البنى التحتية». فيما تشدد الرابعة على ضرورة «الاتجاه إلى تنويع مصادر الإنتاج والدخل». وأكد أن تمويل البرنامج «غير ممكن بقروض تجارية أو محلية، لأنّ لبنان وموازنته لا يتحملان ديناً بفوائد 7.5 في المئة». لذا فإن الهدف الأساس من «سيدر» هو «الحصول على تمويل من خلال منح وقروض ميسّرة، والسعي إلى الحصول على أكبر نسبة ممكنة من قيمة التمويل للمرحلة الأولى ومجموعها 10 بلايين دولار». وإذا كان لبنان سيغرق مجدداً بالديون، أوضح المنلا أن «هذه النقطة تتردد على لسان أكثر من سياسي أو مسؤول». وقال إن التمويل «سيكون منحاً وقروضاً ميسّرة، والرؤية التي خرجنا بها تعتمد على جهد مشترك بين الدولة وصندوق النقد الدولي، الذي حصلت بموجبه محاكاة لعدد من السيناريوات، وأظهرت أن أفضل سيناريو في المرحلة المقبلة، يقضي بتنفيذ برنامج استثماري في البنى التحتية وخفض العجز خلال السنوات الخمس المقبلة بنسبة 5 في المئة». وإذا كانت الإصلاحات الواردة في الموازنة كافية، أعلنت المستشارة الاقتصادية لرئيس مجلس الوزراء هازار كركلا، أن لبنان «لا يقدم فقط البرنامج الاستثماري إلى مؤتمر «سيدر» بل تواكبه مجموعة من الإصلاحات، هدفها تطوير عمل الدولة وتحديث إداراتها». ويرمي ذلك «إلى مساعدة القطاع الخاص والتمكّن من جذب الاستثمارات ووضع البنية المسهّلة لعمل القطاع الخاص». ولم تغفل «الإصلاحات القطاعية كي تدعم الاستثمارات التي ستتلقاها القطاعات المعنية ببرنامج الإنفاق الاستثماري». وهل هناك وعود غير مباشرة ببقاء النازحين السوريين في مقابل ما سيقدمه المجتمع الدولي، رأى المنلا أن «هذا التخوف موجود في لبنان وأتفهم خلفيته، لكن لا يعني بالضرورة أنه صحيح». إذ ذكّر بأن أوروبا «تعتبر أن عدم الاستقرار في المنطقة يشكل تهديداً لاستقرارها، بالتالي توجد إرادة أكيدة لاستقرار لبنان، ولا شروط من هذا النوع». وعن تمويل مشاريع الشراكة، أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، أن المؤتمر سيكون داعماً «في جزء»، قائلاً: «نعوّل على القطاع الخاص لتمويلها». وشدد على أن «التوقعات متفائلة، باهتمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي على مدى السنوات الخمس المقبلة». وكشف عن دراسة أظهرت أن «كل استثمار بمبلغ بليون دولار يُنفق على مشاريع شراكة، يستحدث أكثر من 35 ألف فرصة عمل». وأعلن مدير البرامج في مجلس الإنماء والإعمار ابراهيم شحرور، عن مشاريع كثيرة للكهرباء في البرنامج «وهي ليست جديدة، منها يمولّ بالشراكة مع القطاع الخاص، وجزء آخر من الدولة عبر قروض ميسرة». واعتبر أن الأمر «الإيجابي في الموضوع المموّل من القروض الميسرة والمراقب من الجهة المقرضة، سيتبع مراحل التلزيم التي تفرضها الجهة المقرضة».