أسدل «صالون الصورة غير المألوفة» ستاره، أول من أمس، واعداً بتجيير نجاح دورته الأولى الى التظاهرة الثانية السنة المقبلة، إذ ذكر القائم على تنظيمه عمر سفوان بأن رعاة كثيرين اقترحوا تمويل المعرض المقبل، مع احتمال إطلاق مسابقة لأحسن صورة غير مألوفة. يقول سفوان إن هذا المعرض بدأ بفكرة على «فايسبوك» وجهت إلى مصورين محترفين وهواة، للمشاركة بصورتين أو لقطتين غير مألوفتين، قبل أن يتحول إلى قصة نجاح يبدو أنها مرشحة للاستمرار بعدما أحب الزوار هامش الحرية الكبير فيها. ضحكة هنا، إشارة هناك، وتعليقات من كل حدب وصوب للزوار الكثر الذين حضروا إلى قصر الثقافة، بالجزائر العاصمة، لمشاهدة صور فوتوغرافية لا يمكن وصفها بأقل من «غير مألوفة». والطريف أن تلك اللقطات نجحت في بث إلفة ما بين الناس، وإذابة الجليد بين الغرباء والذي تصنعه في العادة أناقة المكان وفخامته. فترى أحدهم يتبادل التعليقات على مشهد طريف، مع شخص لا يعرفه بالضرورة. ويتناقش طلاب في اللقطة الأكثر «إمتاعاً» أو الأكثر «ذكاء»، وتلقي سيدة نظرة ساخرة على أول صورة تقع عليها لتجرّ نظرتها وابتسامتها إلى الصورة المجاورة... تجيب حورية على سؤال حول السبب الذي سمّرها وصديقتيها أمام صورة زهير، مصور جريدة «لاتريبون»، قائلة: «كيف لا تتوقف أمام ثنائي سلفي عاشق، يجلسان على كرسي في حديقة عمومية بحي باب الواد في العاصمة الجزائرية؟ الصورة تثير في رأسي أكثر من علامة استفهام اجتماعية وتاريخية، وقبل ذلك تجعلني أضحك من قلبي». وتطلق شابة أخرى العنان لقهقهتها إثر تمعّنها في صورة ياسين من «لاديبيش دو كابيلي» عن محل تعتلي سقفه سيارة «رينو 4» قديمة، وتتساءل: كيف وصلت السيارة إلى هناك؟ أما المسلّي في صورة صفيان الخير، فهو التعليق الذي كتبه على صورة من الأعلى لمجموعة كبيرة من الزبائن أحاطت بصناديق الخضار، ويُقرأ عليها: «كونيكتين بيبول» (تصل بين الناس) في استعارة من إعلان لأشهر ماركات الهواتف الخليوية. فيما يستمتع فريد بالتحديق في صورة جمهور لمباراة كرة قدم (الصورة اعلاه)، وقد اعتلى شابان أعمدة غير مكتملة البناء للحصول على مشاهدة أفضل فإذا بهما داخل ما يشبه القفص! وتقول بلحاج سمية، المكلفة العلاقات العامة في قصر الثقافة، إن عدد الزوار في اليوم الأول فاق المتوقع، وظلوا يتوافدون لتغص بهم أروقة المعرض حتى اليوم الأخير، لمشاهدة 75 صورة ل47 مصوراً من 15 ولاية جزائرية. أما شروط المشاركة فكانت بسيطة ولم تتجاوز التزام المصورين إرسالَ صورتين التقطتا داخل الجزائر. أما سفوان، الذي أصبح في ما بعد محافظ المعرض، وهو صاحب موقع فوتوغراف دوت كوم، فيقول إنه دعا ثلاثة آلاف صديق على صفحة النادي الجزائري للمصورين على «فايسبوك» إلى إرسال صورة أو صورتين تتضمنان لقطة غير اعتيادية كي يولّف معرضاً في بيته. وبعد الاستجابة الواسعة التي لقيها نداؤه، اتصل بمديرة قصر الثقافة، مفدي زكريا، من أجل احتضان المعرض، فوافقت بشرط ألا تمس الصور برموز الدولة وألا تتضمن مشاهد عري، فكان النجاح فورياً وفق سفوان الذي أضاف «كنت آمل في أن يشارك 100 مصور هاوٍ ومحترف، لكن ضيق الوقت جعلنا نكتفي ب47 مصوراً وأنا متأكد بأن التحضير والإقبال السنة المقبلة سيكونان أكبر، خصوصاً أن أطرافاً عدة اقترحت تمويل المعرض السنة المقبلة، ما دفعنا إلى التفكير في جعل المعرض تنافسياً». ويرى سفوان أن انتقاد الواقع هو أكثر ما أحبه الناس في تلك الصور، «لأن غياب النقد يجعلنا نعتاد على غير المألوف، وهذا أمر خطير، ويبدو أن الناس متعطشون لمشاهدة مجتمعهم من زاوية بديلة، وفي ذلك مقدار ثمين من الحرية، تماماً مثل النقد».