مستدركاً كل ما فاته من جماليات مفردته الخاصة، وبصمته المتفردة نجح شاعر أوبريت صيف الباحة 2011، الشاعر الدكتور عبدالواحد الزهراني في مجابهة جمال الباحة بجدارة، ليستنطق من حسن المكان وأصالة الإنسان ما يزين به شعاع الشمس، ويجدله ضفائر ولاء فوق جبين الوطن. واستطاع الشاعر الزهراني من خلال الأوبريت إيجاد حالٍ من الألفة الحميمة التي تشعر بوجود وجه مألوف في كل منعطف، وتتمثل قامةً شاهقة مع كل انحناءة صلب شيخٍ أو تقوس ظهر عجوز، فالطرق إلى الباحة تبدأ وتنتهي بالجبل، ولغة شاعر هذا العام تغلغلت في خيط المسافة بين ملك وشعب، لترسم مؤشر التصاعد التآلفي وتنظم ثجيج السحب وتدوزن خيوط المطر في رسالة من ربى الباحة إلى ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حاملة في طياتها نسائم صيفٍ حالم وتتدفق في ثناياها خواطر وجسور ولاء وانتماء تليق بمن تهدى إليه وتجمّل مقام ومكانة مهديها. (يا ملكنا يزول البأس وإنشا الله أجر وعافية، يا من أعطى عطا من لا يخاف الفقر من غير منة، ابتسامك لنا منحة وتلويح كفك مكرمة) كلمات محلّقة في عبق التاريخ ومنكفئة على مجامر الأبجديات لتصهر غيمة اللغة وتحيلها إلى فرس مطواعة تمنح فارسها حرية التعبير عما يعتمل في نفس الفرد المجموع والمجموع الفرد، ليسهر جموع المصطافين مع أنغام أوبريت متكئ على مهارة شاعر منتمٍ لورشة الشعر ما يؤهله لتفصيح العامي و»فصحنة» اللهجة الشعبية الدارجة، ململماً مفردات تلتف حول شاعرها كالفراشات الملونة والنحلات الفاتنات إذ تنثر على الورود مطراً بنكهة الريحان، مستعيداً صور الفداء والذود عن الوطن (كل شيء قابل يُغير إلا حبنا لك يا وطنا الغالي، غير قابل للجدال وغير قابل للمساومة، حن بيننا دون حدانك سياج من رقابنا). واستلهم كاتب الأوبريت من مشاعر أهالي المنطقة معاني منظومة الوطنية المتكاملة (من أول ما دخل عبدالعزيز المقتدر شامان، خلعنا معطف الفقر ولبسنا بُردة الإحسان، نعم يا موطن النور المبين ومهبط القرآن، نحبك غصب عن غيظ الحسود وغيرة الجاهل) ما يحيل أوبريت هذا العام إلى «كرنفال» نابض بآدمية الإنسان ووحي الطبيعة وتفرّد المناخ وولاء المواطنة لتغدو القلوب أكثر اقتراباً ورياحين الباحة أكثر شباباً وفتنة مرددة: (من ربى الباحة الخضرا نسوق السلام، في جناح الغمام، للمليك الإمام، غطرفي يا سهول ورددي يا جبال واهتفوا يا رجال باللحون الطوال، ما دام أنك بخير الشعب كله بخير).