في شارع «23 يوليو» أشهر شوارع مدينة العريش شمال سيناء، طاف عشرات الشباب مرتدين قمصاناً عليها شعار «تحيا مصر» وهم يُلوحون بالأعلام المصرية، وتتقدمهم سيارة نقل صغيرة عليها مُكبرات صوت تصدح بأغانٍ وطنية لحض المواطنين على المشاركة في اقتراع الرئاسة. الحواجز المنتشرة بكثافة في الشارع الرئيس في العريش لم تعترض الشباب، لكن لم يُسمح لهم بتخطي حرم أحد مقار الاقتراع. ونقلت باصات سكان مدينتي رفح والشيخ زويد الذين نزحوا للإقامة في العريش بسبب العمليات العسكرية إلى لجان في الشيخ زويد خُصصت لاقتراع أهالي المدينتين وسط حراسة أمنية مُشددة. مسيرة شارع «23 يوليو» التي تحمل دلالة خاصة كونها نظمت في العريش أحد أكثر البؤر الملتهبة في مصر ضمن نطاق مكافحة الإرهاب، لم تكن إلا واحدة من عشرات المسيرات ميزت اليوم الثاني في اقتراع الرئاسة المصرية الذي يُختتم مساء اليوم ليبدأ فوراً فرز الأصوات في اللجان الفرعية. مسيرات شهدتها غالبية محافظات مصر، ففي القاهرة شهدت أحياء راقية وأخرى شعبية مسيرات مماثلة لشباب وسط أجواء احتفالية جابت شوارع، ونظمت عروضاً راقصة أمام مقرات الاقتراع في طريقها. وفي الإسكندرية نظم سلفيون مسيرة تقدمها رجال ملتحون يرتدون جلابيب قصيرة وخلفهم نساء مُنتقبات رفعن صور الرئيس عبدالفتاح السيسي وشعارات «تحيا مصر». وفي الجيزة نظم شباب مسيرة بالسيارات في شارع الهرم المكتظ بالسكان للحث على المشاركة. وفي دمياط شمال مصر، نظم طلاب مدرسة ثانوية مسيرة أعلام في محيط مدرستهم، استقبلت الناخبين بالعروض الراقصة. تلك المسيرات رسخت الانطباع بكثافة الإقبال على الاقتراع بانتظار إعلان النسب المُدققة من الهيئة الوطنية العليا للانتخابات يوم 2 نيسان (أبريل) المقبل، إذ أصر الناطق باسم «الهيئة» المستشار محمود الشريف عدم إعلان أي نسب تقريبية وإن اعتبر في مؤتمر صحافي أمس أن الإقبال «جيد ومرضٍ». وبسبب كثافة الإقبال على الاقتراع أمس، قررت «الهيئة» استمرار عمليات التصويت خلال الساعة المُخصصة لراحة القضاة المشرفين على لجان الاقتراع، للتيسير على الناخبين وعدم تعطيل سير الاقتراع. وقال الشريف إن «4 لجان تأخرت قليلاً عن بدء الاقتراع في المواعيد المقررة في التاسعة صباحاً بتوقيت القاهرة، نافياً ما تردد عن تمديد الاقتراع إلى بعد غد. وشدد على أن الترويج لتلك الإشاعات يؤكد أن هناك «من يتربص بالعملية الانتخابية للنيل منها». وأضاف الشريف: «ننتظر الكثير من الشباب والنساء في الاقتراع»، موضحاً أن الهيئة «معنية جداً بكثافة الإقبال ورفع نسب المشاركة». وأشار إلى أن المحافظات الأكثر إقبالاً على الانتخابات وفقاً للأعداد في شكل مُطلق، هي: القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، الشرقية، وشمال سيناء، أما المحافظات الأعلى نسبة في الاقتراع وفقاً لأعداد الناخبين المقيدين في جداول الانتخابات في المحافظات، هي: الوادي الجديد الشرقية، بورسعيد، وجنوب سيناء. في غضون ذلك، رصد فريق المنظمة العربية لحقوق الإنسان لمتابعة الانتخابات الرئاسية إيجابيات وخروقاً ضمّنها في تقرير وزعه على الصحافة أمس. وأفاد التقرير بأن الفريق زار نحو 140 مركزاً انتخابياً تضم نحو 210 لجان فرعية ولاحظ استمرار عمليات التصويت بسلاسة واضحة، ومساهمة قوات التأمين في توفير المساعدة لكبار السن وذوي الإعاقات، إضافة إلى ازدحام أعداد الناخبين في عدد من اللجان. لكن التقرير شكا «التضييق على المتابعين في 4 مراكز انتخابية»، على نقيض ما لقيه الفريق من تجاوب وتعاون لافت من القضاة المشرفين في بقية المراكز، فضلاً عن استمرار بعض أشكال الدعاية في محيط ثلث المراكز الانتخابية، وظهور محاولات توجيه تصويت من مواطنين محتشدين في محيط نحو 20 مركزاً انتخابياً، وعمليات نقل جماعي في نحو 25 مركزاً. ويتم الاقتراع في نحو ما يقرب من 11 ألف مركز انتخابي، تضم أكثر من 13 ألفاً و700 لجنة فرعية تنضوي في 367 لجنة عامة. ويحق لأكثر من 59 مليوناً الإدلاء بأصواتهم. وأجريت الانتخابات وسط إجراءات أمنية مُشددة. وجال مديري الأمن وقادة عسكريون على لجان الاقتراع للتأكد من تطبيق إجراءات التأمين. ويُشرف على الاقتراع أكثر من 18 ألف قاضٍ.