بدأ فريق سعودي – صيني أخيراً، أعمال التنقيب الأثري في موقع السِرَّيْن بمحافظة القنفذة ضمن مشروع مشترك بين البلدين للكشوفات الأثرية بالتعاون مع المركز الصيني للتراث المغمور بالمياه. ويقع ميناء السِرَّيْن على ساحل البحر الأحمرجنوب محافظة الليث التابعة لمنطقة مكةالمكرمة. وعثر فريق سعودي تابع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خلال الأعمال الأثرية الاستكشافية التي بدأت في الموقع العام الماضي، على كسر فخارية من الخزف الصيني، إضافة الى معثورات معدنية متنوعة يعود تاريخها إلى فترات إسلامية متعاقبة ابتداءً من القرون الأولى الهجرية، ولاحظ الفريق أيضاً أثناء أعمال التنقيب بقايا أساسات جدران وحدات سكنية، إضافة إلى مقبرتين بالقرب من الموقع تضم رفات فقهاء وقضاة من بلاد اليمن توفوا في مدينة السِرَّيْن خلال القرن السادس الهجري (العاشر الميلادي)، وهم قافلون من مكةالمكرمة، إلى جانب كتابات شاهدية مؤرخة وغير المؤرخة، تقع المؤرخة منها بين سنة 331ه (942م) إلى 593 (1196م). ويضم المشروع السعودي الصيني متخصصين أثريين من الجانبين ومختصين في الآثار الغارقة، وسيتم تنفيذ أعمال أثرية تشمل مجموعة واسعة من التقنيات المتقدمة والمسوحات الميدانية خلال السنوات الخمس المقبلة، إضافة إلى أعمال سبر الآثار الغارقة في المياه المحاذية للموقع الأثري. ويعد المشروع السعودي - الصيني للتنقيب الأثري في موقع السِرَّيْن في محافظة القنفذة من المشاريع العلمية الجديدة التي تنفذها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع المركز الصيني للتراث المغمور في المياه، وتعمل 31 بعثة دولية ومحلية في مختلف مناطق المملكة. يُذكر ان السِرَّيْن كانت في مستهل نشوئها جزءاً من أعمال مكةالمكرمة، وانبثقت أهميتها كونها ساحلاً (مرفأ) لمنطقة الحجاز والسروات ووقوعها على مسار طريقي الحج الساحلي البري والبحري اللذين كانا يصلان بلاد اليمن وعُمان في الأماكن المقدسة، وفي الربع الأخير من القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، أشار المقدسي إلى ارتباط مدينة السِرَّيْن بعَثَّر وناحيتها، ويصفها بالبلد الصغير المشتمل حصنها على جامع، وبركة عند بوابتها ويستنتج من هذا الوصف المختصر لنسيج المدينة العمراني بأنها كانت من المدن الصغيرة المحصنة، وربما كانت محاطة بسور من حولها، له بوابة رئيسة واحدة تقع البركة بالقرب منه. وبنهاية القرن الخامس الهجري (ال11 الميلادي)، أضحت السِرَّيْن من المدن العظيمة وعمارتها مشتملة على أسواق وحمامات ومسجد جامع مشيد على ساحل البحر ومحاطة بسورٍ شمل ميناءها أيضاً. واستمرت مدينة مزدهرة كثيرة الخيرات في القرون السادس إلى الثامن (ال12 إلى ال14 الميلادي)، ومنطقة صغيرة محصنة ومعقلاً للتجارة والتجار، وأصبح حصنها وجامعها من المعالم العمرانية المطلة على ساحل البحر الأحمر، ويعتقد أن أُفول نجمها حدث في القرن التابع الهجري (ال15 الميلادي)، استناداً إلى غياب ذكر دورها في المدونات التاريخية المصدرية المتاحة.