بعد يوم من استقبالها وفداً من المعارضة السورية لأول مرة منذ بدء حركة الاحتجاجات في آذار (مارس) الماضي، يقوم وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه اليوم بزيارة لروسيا تستغرق يومين سيبحث خلالها الوضع السوري. ويكتسب توقيت الزيارة أهمية خاصة، إذ انها تأتي في الوقت الذي تتجه الدول الاوروبية واميركا لتعزيز الضغوط على النظام في دمشق من اجل ضمان «تجسيد» الوعود الاصلاحية على ارض الواقع، او مواجهة المجتمع الدولي بسبب الاستخدام المفرط للعنف من قبل قوى الامن لاخماد الحركة الاحتجاجية التي تطمح إلى تعزيز الديمقراطية في سورية. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن جوبيه سيصل اليوم إلى مدينة سان بطرسبورغ الروسية، وسيكون موجودا غدا في موسكو حيث سيجري محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في تصريح صحافي امس: «سنتحدث عن سورية ومواضيع اخرى ولا سيما عن قلقنا حيال المخاطر على الاستقرار والامن الاقليميين بسبب الوضع الحالي في سورية». وتابع فاليرو: «انه موضوع يستحق فعلاً ان يتطرق اليه وزيرا الخارجية»، مضيفاً ان مواضيع اخرى عدة -ليبيا والربيع العربي وافغانستان خصوصا- سيتطرق اليها ايضا الوزيران. واضاف: «نجتمع كل يوم مع الروس في نيويورك في مجلس الامن حول الاوضاع في العالم»، مضيفاً ان فرنسا تواصل جهودها لمصلحة تبني قرار يدين سورية، وتابع: «ينبغي عدم الاستسلام». وذكر الناطق باسم الخارجية الفرنسية «اننا نتحدث بكل المواضيع مع شركائنا الروس، ما من موضوع محرم»، متحدثاً عن «حوار دائم منفتح جداً مع اصدقائنا» الروس. وسيلتقي جوبيه غداً رئيس مفوضية الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد كونتسانتين كوساتشيف لبحث التطورات، كما سيتطرق مع محادثيه إلى العلاقات الاقتصادية والثقافية، بحسب فاليرو. لكن رغم الضغوط الغربية على موسكو الحليف التقليدي لدمشق، إلا ان من غير المتوقع ان يتغير الموقف الروسي حيال سورية إلا إذا تفاقم العنف ضد المدنيين بشكل كبير. ويقول المحللون إن الموقف الروسي من دمشق لا يرتبط فقط بالعلاقات مع سورية، لكن بالاستراتيجية الروسية عموماً في الشرق الاوسط، بما في ذلك العلاقات مع إيران التي بحثت تطورات الازمة السورية مع الروس وحذرت من «نوايا» الغرب. وكان فلاديمير بوتين قد قال قبل سنوات إن جزء من الاستراتيجية الروسية لاستعادة موقع موسكو في المشهد العالمي يقوم على إعادة النفوذ الروسي في الشرق الاوسط عبر «الطريق السوري». وتاريخيا كانت دمشق أحد اعمدة النفوذ السوفياتي السابق في الشرق الاوسط، خاصة خلال فترة الحرب الباردة. وحتى الآن تعتمد سورية إلى حد كبير على علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع موسكو. لكن إذا ما تغير الموقف الروسي أو الصيني من النظام السوري، فإن هذا سيكون بمثابة ضربة قوية لدمشق التي باتت تعتمد على عدد قليل من الاصدقاء، اقربهم إيران. وسبق زيارة جوبيه لموسكو، استقبال مسؤولين روس وفداً من المعارضة السورية بحثوا معه تطورات الازمة. وحض المعارضون السوريون روسيا على الضغط على النظام السوري لوقف أعمال العنف وإقناع الرئيس بشار الاسد بالتنحي وسحب دعم موسكو له. وخلال لقاء مع ميخائيل مارغيلوف موفد الكرملين إلى أفريقيا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي، دعا المعارضون موسكو إلى «الوقوف إلى الجانب الصحيح من التاريخ». وشددت موسكو خلال اللقاء مع المعارضين السوريين، على أن «روسيا ليس لها صديق سوى الشعب السوري»، وقالت ان «الزعماء يأتون ويذهبون». ولم يُعرف ما إذا كان هذا الموقف سيؤثر في السياسات العملية لموسكو. لكن مارغيلوف دعا إلى وقف «كل أشكال العنف» في سورية وإجراء مفاوضات سياسية. وذكرت المصادر إن جوبيه سيبعث برسالة إلى المسؤولين الروس خلال زيارته مفادها إنه إذا تواصل العنف ضد المحتجين ولم تتحرك السلطات السورية لاجراء اصلاحات حقيقة، فإن على موسكو ان تغيّر موقفها الرافض قرار إدانة من مجلس الامن الدولي، وذلك لتعزيز الضغوط على دمشق.