علمت «الحياة» أن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه يسعى خلال زيارة إلى موسكو بدأت أمس، إلى إقناع المسؤولين الروس بتأييد قرار ضد سورية في مجلس الأمن. وتشهد موسكو هذا الأسبوع حراكاً نشطاً على هذا الصعيد، إذ يصل غداً وفد من المعارضة السورية لإجراء محادثات تسبق وصول مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان السبت. ويُنتظر أن يكون الملف السوري أبرز المحاور على طاولة البحث خلال زيارة جوبيه الذي يجري اليوم محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف قبل أن يلتقي في وقت لاحق الرئيس ديمتري مدفيديف. وعلى رغم أن الزيارة تأتي في إطار مشاورات دورية تجريها موسكو وباريس بصيغة «2+2» التي تضم وزيري الخارجية والدفاع في البلدين، فإن مصادر قريبة إلى السفارة الفرنسية في موسكو أبلغت «الحياة» أن جوبيه يسعى إلى إقناع موسكو بتأييد مشروع قرار أممي ضد سورية. وقالت إن الملف الليبي سيكون مطروحاً أيضاً على طاولة البحث، «لكن التركيز الفرنسي متجه في الدرجة الأولى إلى البحث مع الروس في العقوبات على دمشق». إلى ذلك، أعلنت الخارجية الروسية أمس أن مستشارة الرئيس السوري للشؤون السياسية والإعلامية بثينة شعبان ستزور موسكو السبت لإجراء محادثات مع المسؤولين الروس. واللافت أن الموقع الرسمي للوزارة أعلن تنظيم مؤتمر صحافي للمستشارة السورية في المركز الصحافي للخارجية ل «عرض تطورات الوضع في سورية أمام الصحافيين الروس والأجانب»، علماً أن موسكو لا تنظم عادة مؤتمرات صحافية مماثلة لزائريها. وستكون روسيا أول بلد تزوره شعبان بعدما ورد إسمها على لائحة عقوبات أميركية صدرت أخيراً واشتملت أيضاً على اسمي الرئيس بشار الأسد وشقيقه ماهر. ولفتت مصادر روسية أمس إلى أن بيان الخارجية عن زيارة المستشارة السورية إلى موسكو جاء بعد مرور يوم واحد على الإعلان عن زيارة وفد من المعارضة السورية إلى العاصمة الروسية. ووفق معطيات حصلت عليها «الحياة» يضم الوفد سبعة أشخاص يمثلون «مختلف مكونات المجتمع السوري الإثنية والثقافية» ويرأسه المعارض السوري عمار القربي. وتأتي الزيارة تلبية لدعوة رسمية من رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيدرالية (الشيوخ) ميخائيل مارغيلوف، كما يشتمل جدول أعمالها على سلسلة لقاءات مع برلمانيين ومسؤولين روس. وستكون هذه ثاني زيارة يقوم بها معارضون سوريون إلى موسكو. وكان وفد ضم ستة أشخاص برئاسة رضوان زيادة أجرى محادثات مع مارغيلوف قبل نحو شهرين. وأعلن مارغيلوف أمس أن محادثاته مع الوفد السوري ستتركز على الحراك الجاري داخل صفوف المعارضة السورية، بما في ذلك التغيرات التي طرأت عليها في الفترة الممتدة من عقد مؤتمر أنطاليا ومؤتمر اسطنبول أخيراً، في إشارة إلى أن موسكو تسعى إلى وضع تصور عن المجلس الانتقالي الذي تم الإعلان عن تشكيله، والمحافظة على خطوط اتصال مفتوحة مع المعارضة. ونسبت جريدة «ازفيستيا» الروسية أمس إلى مصدر عسكري قوله ان وفداً عسكرياً سورياً سيتوجه إلى روسيا لحضور جانب من تدريبات تقوم بها حالياً، القوات المسلحة التابعة لبلدان «رابطة الدول المستقلة». ورفضت السفارة السورية في موسكو التعليق على الخبر. وأشارت الجريدة إلى أن «هدف الزيارة يتمثل في إطلاع الخبراء السوريين على كيفية استخدام نماذج حديثة من أنظمة الدفاع الجوي ومنها «أس -300» و «أس -400». واعتبر رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية الروسية الجنرال ليونيد إيفاشوف أن دعوة الوفد السوري لحضور التدريبات «لها دلالات مهمة» في هذه المرحلة الحالية تحديداً لأنها تؤكد عزم موسكو مواصلة التعاون العسكري مع دمشق. وفي باريس، قال الناطق باسم وزارة الخارحية الفرنسية برنار فاليرو إن جوبيه الذي توجه أمس إلى روسيا، سيزور الصين لاحقاً، مشيراً إلى أنه «ليس في حاجة الى بلورة حجج جديدة لإقناع المسؤولين في كلا البلدين بتعديل موقفهما من الوضع في سورية، لأن الرئيس الأسد هو الذي يتولى بلورة هذه الحجج، إذ لا يمر يوم إلا ويقع فيه مزيد من القتلى والجرحى». وأكد أن «الموضوع السوري يندرج في سياق محادثات جوبيه مع لافروف في روسيا وبعدها مع المسؤولين الصينيين الذين سيلتقيهم». ومعروف أن الروس والصينيين عرقلوا حتى الآن إمكانية فرض عقوبات دولية على سورية بسبب حملة القمع التي ينفذها النظام ضد معارضيه. ولفت إلى أن فرنسا كررت مراراً أن على مجلس الأمن أن ينظر إلى الواقع القائم ويتحمل مسؤولياته، موضحاً أن «العمل مستمر في المجلس على قاعدة نص تم إعداده»، في إشارة إلى مشروع قرار غربي بفرض عقوبات رفضته روسيا والصين. وعن اتصالات فرنسا مع المعارضة السورية، قال فاليرو إن «هناك اتصالات، لكن من الأفضل التكتم على طبيعة هذه الاتصالات التي تجري مع أشخاص في بلد يتعرض فيه للقتل والتعذيب من لا يريدون سوى الحصول على حرية التعبير». وأشار إلى أن «العمل جار على دفعة سابعة من العقوبات الأوروبية تستهدف هيئات اقتصادية مرتبطة بمنفذي القمع اليومي بحق المتظاهرين»، بعد الدفعة الأخيرة من العقوبات الأوروبية التي نصت على حظر الواردات النفطية من سورية. وشدد على حرص أوروبا على فرض احترام هذا الحظر، لكنه رفض التكهن بموقف مجموعة «توتال» النفطية الفرنسية، واكتفى بالقول بأنها «موجودة في سورية مثلها مثل سواها من الشركات النفطية».