في أعنف أزمة بين موسكو والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة، أعلنت الولاياتالمتحدةوكندا و19 دولة أوروبية في شكل متزامن «حرباً ديبلوماسية» على روسيا، اذ قررت طرد أكثر من مئة من ديبلوماسييها، تضامناً مع بريطانيا التي تتهم موسكو بالتورط بتسميم العميل المزدوج الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في إنكلترا. لكن موسكو توعدت ب«رد متكافئ»، واتهمت «قوى كبرى» في الولاياتالمتحدةوبريطانيا بتسميم سكريبال. وأعلنت الولاياتالمتحدة انها ستطرد 60 ديبلوماسياً روسياً، بينهم 12 في البعثة لدى الأممالمتحدة في نيويورك، وإغلاق القنصلية الروسية في سياتل، لقربها من قواعد غواصات أميركية ومصنع تديره شركة «بوينغ». وأشار مسؤولون أميركيون الى طرد 48 «مسؤولاً استخباراتياً» يعملون في البعثات الديبلوماسية الروسية في الولاياتالمتحدة، إضافة الى 12 لدى البعثة في نيويورك، أُمهلوا 7 أيام لمغادرة أراضيها. وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز ان واشنطن وحلفاءها يتصرّفون «رداً على استخدام روسيا سلاحاً كيماوياً عسكرياً على أراضي المملكة المتحدة»، مضيفة أن «الولاياتالمتحدة مستعدة للتعاون لإقامة علاقات أفضل مع روسيا، لكن ذلك ليس ممكناً إلا إذا بدّلت الحكومة الروسية سلوكها». ورحّبت المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هايلي بالخطوة، قائلة: «في نيويورك، تستخدم روسياالاممالمتحدة ملاذاً آمناً لنشاطات خطرة داخل حدودنا». وقال السفير الاميركي في موسكو جون هانتسمان ان «هذه أضخم عملية طرد لعناصر الاستخبارات الروسية في تاريخ الولاياتالمتحدة»، علماً ان مسؤولين اميركيين يرجّحون وجود حوالى مئة عميل استخبارات روسي في بلاهم. وكانت ادارة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان طردت 55 ديبلوماسياً روسياً عام 1986، وجورج بوش الابن 50 ديبلوماسياً عام 2001، وباراك اوباما 35 ديبلوماسياً عام 2016. وطردت كندا 4 ديبلوماسيين روس، واوكرانيا 13، وكل من المانيا وفرنسا وبولندا 4، وكل من تشيخيا وليتوانيا 3، وكل من إسبانيا وهولندا والدنمارك وايطاليا وألبانيا 2، وكل من هنغاريا والسويد وكرواتيا ورومانيا وفنلندا واستونيا والنروج 1. وطردت لاتفيا ديبلوماسياً روسياً، اضافة الى ممثل روسي لشركة روسية مدرجة على لائحة عقوبات. وكانت بريطانيا طردت 23 ديبلوماسياً روسياً، فردت موسكو بالمثل. ولوّح رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بتدابير «اضافية تتضمّن عمليات طرد جديدة»، فيما قال وزير الخارجية الالماني هايكو ماس: «هجوم سالزبوري أحدث صدمة في الاتحاد الاوروبي. للمرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية يُستخدم سلاح كيماوي في أوروبا. واضح ان هذا الهجوم لا يمكن ان يبقى بلا عواقب». واعتبرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أن تضامن تلك الدول مع بلادها «يوضح أننا نقف صفاً واحداً في توجيه أقوى إشارة الى روسيا بأنها لا تستطيع الاستخفاف بالقانون الدولي». اما وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، فاعتبر ان «ردّ الفعل الدولي الاستثنائي من حلفائنا يمثل في التاريخ أضخم عملية طرد جماعي لضباط استخبارات روس». ورأى وزير الدفاع البريطاني غافين وليامسون ان «الصبر على الرئيس الروسي (فلاديمير) بوتين بدأ ينفد»، وتابع في إشارة الى الروس: «نيتهم وهدفهم بثّ التفرقة، لكن ما نراه هو توحّد العالم وراء الموقف البريطاني، وهذا في حد ذاته نصر عظيم». في المقابل، أعلن الكرملين أن «الردّ الروسي سيكون متكافئاً»، لافتاً الى أن القرار النهائي سيتخذه بوتين. ونددت الخارجية الروسية ب»عمل استفزازي بزعم التضامن مع لندن»، منبهة الى انه «يترجم استمرار نهج المواجهة الهادف الى تصعيد الوضع». ودانت «اتهامات مجانية» ضد موسكو ومقاربة «متحيزة ومنافقة» من السلطات البريطانية، معتبرة ان حلفاء المملكة المتحدة «يتبعون في شكل اعمى مبدأ الوحدة الأوروبية - الأطلسية على حساب المنطق، ومعايير الحوار المتحضر بين الدول ومبادئ القانون الدولي». وشددت على ان «هذا الإجراء غير الودّي لن يمرّ من دون عواقب، وسنرد عليه»، متهمة «قوى كبرى» في الولاياتالمتحدةوبريطانيا بتدبير الهجوم.