أحد الصحافيين العرب أفاض في الإشادة بالصحافة السعودية. وقال في جلسة ضمت صحافيين من دول عربية مختلفة: «أعجبت جداً بالطريقة التي يتم فيها اختيار رئيس التحرير في الصحافة السعودية، حيث يجرى تكليفه، ويبقى مكلفاً إلى أن يختار الفريق الذي سيعمل معه، ثم ينال الثقة من إدارة الصحيفة». سألت الزميل: من أين جئت بهذا التفسير؟ أجاب: «قرأت صفة المكلف في غير جريدة سعودية». قلت له: صفة المكلف التي قرأتها في ترويسة بعض الصحف تعني الموقت، لكن الجماعة استبدلوها ب «المكلف» مراعاةً لمشاعر الشخص الذي تم تكليفه، رغم انه في الواقع رئيس تسيير أعمال التحرير. الصحافة السعودية هي الوحيدة بين صحف العالم التي تعيش أزمة اختيار رئيس التحرير. فاختياره في السعودية أصعب من اختيار وزير، والسبب أن الصحف لا تملك وحدها تعيين مَن تريد في هذا المنصب. فنظام المطبوعات ينص على أن ترفع الجريدة 3 أسماء لوزارة الإعلام التي تختار أحدها لشغل المنصب، وجرى العُرف على أن الصحف تتفاهم مِن تحت الطاولة على اسم مَن تريد، وحين تأخذ الموافقة الشفهية، تنفذ الإجراء الرسمي، فتضع الأسماء لاستكمال المسوّغات. لكن بعض الصحف السعودية يمارس احتيالاً على تدخل وزارة الإعلام، ويلجأ إلى صيغة الرئيس المكلف، بحجة انه سيبقى كذلك حتى اختياره أو غيره رسمياً. لذلك يبقى هذا الرئيس المكلف تحت التجربة، وربما يصبح رئيساً دائماً بعد فترة من الوقت، تصل أحياناً إلى بضع سنوات. تدخّل وزارة الإعلام في اختيار رئيس تحرير في الصحافة السعودية، ليس المشكلة الوحيدة، فمُلاّك الصحف يمارسون دوراً أسوأ. وبات بعض الصحف أخيراً يلجأ إلى الإتيان برئيس تحرير من صحيفة أخرى، أو من خارج الوسط الصحافي، وهذا الأسلوب، فضلاً عن انه يتعامل مع الصحافيين كعمال لا رأي لهم، ساهم أيضاً في قتل طموح الصحافيين الشباب الذين صنعوا انفسهم على صفحات الصحيفة. ولهذا لا بد أن تتدخل هيئة الصحافيين السعوديين لوقف هذا النهج غير المهني، وإجبار المُلاّك على اختيار رئيس التحرير من أبناء المؤسسة ذاتها. فالصحيفة التي ليس في هيئة تحريرها من يخلف رئيس التحرير، لا تستحق أن تستمر في الصدور. ولا بد من مطالبة وزارة الإعلام برفع يدها عن هذه القضية.