سعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الى حشد قادة دول الاتحاد الأوروبي، لمواجهة «تهديد» روسي «لا يحترم حدوداً»، فيما وصفت موسكو سياسات لندن تجاهها ب «استفزازية»، معتبرة أنها «تضلّل المجتمع الدولي». يأتي ذلك وسط تصاعد يومي للنزاع بين الجانبين، بعد تسميم العميل المزدوج الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في انكلترا. وتأمل ماي باتخاذ قادة دول الاتحاد، الذين يعقدون قمة في بروكسيل، موقفاً حازماً بلا لبس إزاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنهم يتبنّون مواقف متباينة، لا سيّما أن لدول أوروبية مصالح اقتصادية ضخمة مع موسكو. وقالت ماي: «نفذت روسيا هجوماً وقحاً ومتهوراً ضد المملكة المتحدة. واضح أن التهديد الروسي لا يحترم حدوداً، والحادث في سالزبوري هو جزء من نمط العدوان الروسي ضد أوروبا وجيرانها، من غرب البلقان الى الشرق الأوسط». ورجّحت أن يستمرّ هذا التهديد «لسنوات»، واستدركت: «سنتمكّن من التغلّب عليه بوحدتنا. بوصفنا ديموقراطية أوروبية، تقف بريطانيا الى جانب الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، من أجل أن نواجه معاً هذه التهديدات». لكن مسؤولاً في الخارجية البريطانية لفت إلى أن لندن «لا تتوقّع اتخاذ إجراءات فورية ضد الكرملين»، مضيفاً أن التدابير التي طلبتها ماي «جزء من عملية متدرجة، ستأخذ وقتاً». ووصف روسيا بأنها «عدو استراتيجي، لا شريكاً استراتيجياً»، مستدركاً أن التوجّه العام في لندن «يقوم على أساس وقف الأذى الذي سبّبته موسكو، لا تصعيد المواجهة معها أو العمل لتغيير نظامها». وأعلن رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك أن القادة في قمة بروكسيل سيعبّرون عن «تضامن» مع بريطانيا، داعياً الاتحاد الى اتخاذ خطوات عملية ل «تعزيز استعدادنا لأي هجمات». وذكرت رئيسة ليتوانيا داليا غريبوسكيتي أن بلادها «تدعم الإجراءات البريطانية»، مشيرة إلى أنها «تدرس» طرد الديبلوماسيين الروس. لكن رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس كان أكثر حذراً، قائلاً: «علينا أن نعبّر عن تضامننا مع المملكة المتحدة وشعبها، ولكن في الوقت ذاته نحتاج إلى تحقيق. علينا أن نتحلّى بمسؤولية بالغة». واتخذ رئيس وزراء لوكسمبورغ خافيير بيتل موقفاً مشابهاً بقوله: «أنا محام جنائي سابق، وأسير على مبدأ أنني استمع أولاً ثم أتوصل الى النتائج». ونبّه ديبلوماسي أوروبي الى وجوب «الامتناع عن التسرّع». ونقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسي بارز في الاتحاد الأوروبي إن بريطانيا تسعى الى مساعدة من دول في الاتحاد ل «ملاحقة شبكات» تجسس روسية في القارة. لكن تلك الدول تخشى أن تكشف موسكو أسماء عملائها وتعرّضهم لخطر، إذا طردت ديبلوماسيين روساً. كما تخشى لندن الأمر ذاته. في المقابل، ناقش بوتين مع مجلس الأمن الروسي سياسة بريطانيا «غير الودية والاستفزازية» تجاه بلاده، واعتبر الكرملين أن تصريحات وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، التي شبّه فيها كأس العالم لكرة القدم التي ستستضيفها روسيا الصيف المقبل، بالألعاب الأولمبية التي نظمتها برلين خلال حكم أدولف هتلر، «مقززة ومهينة». ورأى السفير الروسي في لندن ألكسندر ياكوفينكو أن لبريطانيا «سجلاً سيئاً في انتهاك القانون الدولي وتضليل المجتمع الدولي».