عندما تضيق بي الدنيا لأسبابي الشخصية مثل نكسة مالية، أو العامة مثل نكبتي بالأمة، أهرع بأحلامي إلى بريدي الإلكتروني فهو يعدني بما يتجاوز الأحلام لأن خيالي يقصر عما يعرض علي من دون طلب. الآنسة فيث (أو ما يعادل إيمان بالعربية) تريد أن تقيم علاقة صداقة وود معي، ولا مشكلة إطلاقاً سوى أن توافق زوجتي وهي سمحة جداً وتتفهم ظروفي. والحاجة ماناه من جنوب أفريقيا، أرملة الحاج كاواق، تريد الزواج من جديد وقد اختارتني لمشاركتها ورثة المرحوم التي تبلغ 3.5 مليون دولار أودعتها أحد المصارف الكبيرة في ساحل العاج. وأفترض أن الحاجة سوداء، ولا مشكلة هنا البتة لأنني ضد العنصرية بكل أشكالها وألوانها، فأقول مرة أخرى إن المشكلة هي أن توافق أم البنين. ولا أدري كيف وصل اسمي إلى جنوب أفريقيا فأمامي رسالة إلكترونية من ماريا، وهذه مسيحية تخاطبني بعبارة «يا عزيزي في المسيح» وتقول إنها نائبة وزير التنمية الاجتماعية في جنوب أفريقيا وقد ترك لها زوجها زوما الذي رحل بعد 25 سنة من زواجهما 30.5 مليون دولار تريد أن تشاركني فيها عبر زواج كنسي سريع لأن الطبيب قال لها إنها لن تعيش أكثر من ستة أشهر لإصابتها بالسرطان. هذا العرض أفضل مما سبق لأن المبلغ أكبر وفترة الزواج قصيرة، مع أنني أخشى أن يكون مرضها من نوع مرض عبدالباسط المقرحي الذي عاد إلى ليبيا وكتب له عمر جديد، طبعاً لأن الطبابة عند القذافي أفضل منها في أسكتلندا. بل إنني تلقيت عرضاً بالعربية من «المدام حنان» من البصرة. وهذه ترك لها زوجها 9.3 مليون دولار واختارتني لمشاركتها بها. وأقترح عليها أن تطلب يدي من أم العيال مباشرة. وأعرف أن شكلي يجعلني أبدو ساذجاً، إلا أن المظاهر خداعة، وأنا في الواقع ساذج جداً ولكن ليس إلى درجة أن أصدق أن القسيس اندرياس من باليرمو يريد أن يمنحني ثروته العائلية التي تضم أراضيَ وأعمالاً مربحة. الأممالمتحدة نفسها تريد أن ترفع من سوية عيشي وقد بلغتني أنني ربحت الجائزة الثانية في اليانصيب الدولي، ولم أكن أعرف أن بان كي مون يدير «اللوتو» الذي لم أشارك فيه أصلاً. وفي رسالة ثانية مزعومة من الأممالمتحدة كان هناك عرض وظائف كل منها أجره السنوي حوالى ربع مليون دولار، مع مخصصات، والوظائف متوافرة في بلدان حول العالم، فأرجح أنها لاصطياد الذين يريدون الهجرة من نعيم الأمة. أغرب من كل ما سبق أنني ربحت 1.2 مليون جنيه جائزة من الألعاب الأولمبية في لندن، وأنا فشلت في شراء تذكرة لألعاب السنة القادمة. ما سبق مفهوم ولا بد أن كل قارئ يملك جهاز كومبيوتر تلقى مثله، ولكن هناك أيضاً ما ليس مفهوماً، فأنا أتلقى رسائل إلكترونية بلغة أفترض أنها اليابانية، ومعرفتي بها مضعضعة، ولا أدري هل هي من فتاة جيشا، أو وارثة أحبتني عن بعد عشرة آلاف ميل. وعندي رسائل بالتركية التي يتقنها ابني، إلا أنه مسافر، وقد حاولت فك بعض الرموز مقارنة بكلمات عربية ولم أنجح بشيء سوى ما أرجح أنه عبارة «برنامج تموز» من أصل ثلاث رسائل إلكترونية طويلة. وأحاول أن أهاذر القراء اليوم لأبتعد بهم عن نكد السياسة العربية، إلا أنني أحذرهم أيضاً من رسائل مزعومة صادرة عن مؤسسات عالمية كبرى، وعندي منها عشرات بين آخرها من زعم انه من بنك يو بي أس، أكبر بنوك سويسرا، ويريد أن يوصلني إلى حساب عراقي أُعدِم، والرسالة تستعمل أسماء أفراد وأسر عراقية معروفة، فالكاتب نصّاب مجتهد. أفضل من كل ما سبق دعوة من شركة سياحة لزيارة القدس الشريف. وآخر مرة زرت فيها القدس كانت قرب نهاية 1966، قبل الاحتلال بأشهر، ولن أعود إليها إلا إذا خرج منها جميع الإسرائيليين، وعن بكرة أبيهم، إذا كانوا يعرفون أباهم، فإذا استطاعت شركة السياحة توفير هذا الشرط سأكون أول الزائرين. وأغرب ما تلقيت الأسبوع الماضي كان رسالة عبر «تويتر» تنقل إلي رسالة سجلها هيو هيفنر، ناشر مجلة «بلاي بوي» على موقعه تقول إن كريستال هاريس فصمت الخطبة بينهما. والرسالة إلي تقول «إلحق حالك»، وأرد أن الفرق في العمر بيني وبين الآنسة كريستال أقل من 60 سنة كما كان حالها مع هيو، إلا أنني لا أعتقد أن هذا يكفي للنجاح حيث فشل ناشر «بلاي بوي». [email protected]