تشكّل الشركات المتوسطة والصغيرة هدفاً مغرياً ومجزياً لنشاطات الجريمة الإلكترونية حول العالم، على رغم أن الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام عن قرصنة الإنترنت واختراق الشبكات المؤسسية تتعلق عادة، بالشركات العملاقة والهيئات والمؤسسات الحكومية، وفق تقرير لشركة «سيمانتك». وأشار التقرير نقلاً عن خبراء «سيمانتك» إلى أن «مجرمي الإنترنت وقراصنة الشبكات يفضلون الشركات المتوسطة والصغيرة، لما تدرّه تلك الأنشطة الإجرامية من مردود مجزٍ يفوق ما يمكن أن يتحقق من مهاجمة الأفراد. كما أن تلك الفئة من الشركات لا تملك عادة، حصانة منيعة في وجه هجمات القرصنة مقارنة بالشركات الكبرى التي تعتمد منظومة أمنية متكاملة لرصد الهجمات الاختراقية والتسللية والخبيثة وصدّها». ويقول مدير مبيعات قنوات التوزيع في «سيمانتك» براجيت أراكال: «في اعتقادنا أن الكثير من الشركات المتوسطة والصغيرة في بلدان مجلس التعاون الخليجي ما زالت غير مدركة مدى الأضرار المترتبة على كارثة اختراق شبكاتها وتأثير ما سبق في استمرارية أعمالها. وعلى رغم تحذير الخبراء مراراً وتكراراً من مغبة الاستهانة بأضرار الهجمات الاختراقية والتسللية والخبيثة، ما زال كثر يعتقدون أن شركاتهم في منأى عن ذلك، وهم حتماً مخطئون». وكشفت دراسة «سيمانتك» الاستطلاعية حول جاهزية الشركات المتوسطة والصغيرة لمواجهة الكوارث المحتملة، أن «هذه الفئة من الشركات ملمّة بالأخطار الجمّة التي تحيق بأعمالها واستمرارها، وعلى رغم ذلك فإنها لا تولي الأهمية اللازمة لمواجهة تلك الكوارث المعلوماتية المحتملة، إلا بعد أن تمر بأزمة فعلية أو بعد أن تفقدَ بالفعل معلومات أو بيانات ذات خصوصية أو سرية على النحو الذي يؤثر في صدقيتها واستمراريتها». كما أظهرت الدراسة أن «ثمة الكثير من الشركات المتوسطة والصغيرة غير مدركة فعلاً أهمية الاستعداد لمواجهة الكوارث المعلوماتية أو الشبكية، إذ تبيَّن أن نصف المشاركين في الدراسة الاستطلاعية لا يملكون حتى هذه اللحظة خطة واضحة في هذا الشأن، فيما قال 41 في المئة منهم إنهم لم يفكروا حتى الآن في صياغة خطة لمواجهة مثل تلك الكوارث المعلوماتية المحتملة. ومن اللافت أيضاً أن بقية المستطلعين أشاروا الى ان الاستعداد لمثل هذه الكارثة لا يمثل أولوية بالنسبة اليهم على الإطلاق». وأضافت «سيمانتك»: «لا يقل عن ذلك خطورة أن الكثير من الموظفين يعتمدون على الهواتف الذكية والحواسيب اللوحيّة للنفاذ إلى الشبكات والبيانات المؤسسية، من دون أن تكون هناك سياسة أمنية واضحة تحكم تلك العملية. وربما أن من أخطر التهديدات في هذا السياق أن يقوم الموظفون بتنزيل تطبيقات، مثل تلك الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي الواسعة الانتشار، قد تكون موبوءة ببرمجيات خبيثة تسهّل شن قرصنة إلكترونية للتحكم بمثل هذه الأجهزة والاستحواذ على المعلومات المخزنة فيها»، متوقعة «زيادة مطردة وحادّة في البرمجيات المدمرة التي يتم تطويرها خصيصاً لاستهداف الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية وغيرها». توصيات وأوصت «سيمانتك» الشركات المتوسطة والصغيرة باتخاذ مجموعة تدابير أبرزها أن «تبادر إلى اتخاذ التدابير الفورية اللازمة لرصد وصد أي هجمة إلكترونية محتملة قد تستهدف شبكتها ومعلوماتها، لما لمثل تلك الهجمة من أضرار بالغة قد تلحق بشبكتها وصدقيتها واستمراريتها. وقد لا تقتصر الأضرار على تعطيل أعمال الشركة والكلفة المالية الباهظة المترتبة على ذلك، بل قد تصل في أحيان معينة إلى تهديد بقاء الشركة. وعلى الشركات المتوسطة والصغيرة أن تبدأ اليوم في صياغة خطة محكمة لمواجهة أي أخطار محتملة، على أن تشمل تحديد النظم والبيانات ذات الأهمية المحورية أو المفصلية للشركة وتوفير الحماية المنيعة لها». وأضافت: «للحدّ من خطر فقدان معلومات الأعمال الحاسمة أو تسرّبها، على الشركات المتوسطة والصغيرة أن تنشر حزمة متكاملة من الحلول الأمنية وحلول إنشاء النسخة الاحتياطية واستردادها من أجل أرشفة الملفات المهمة، أولاً بأول، مثل سجلات الزبائن والمعلومات المالية وغيرها. فمن المعروف أن الكوارث الطبيعية وانقطاع التيار الكهربائي وهجمات القرصنة الإلكترونية تتسبّب في فقدان البيانات والمعلومات المؤسسية، ومن ثم تحمّل الشركة المعنية خسائر فادحة في أحيان كثيرة، لذا على هذه الشركات أن تبادر إلى خزن ملفاتها وبياناتها وموادها الرقمية البالغة الأهمية والخصوصية والحساسية في موقع آمن بعيد من مقرّاتها، إضافة إلى خزنها على أقراص صلبة خارجية و/أو شبكة الشركة». وأكدت أن «لموظفي هذه الشركات دوراً بالغ الأهمية في حماية بيانات شركاتهم وشبكاتها، لذا لا بدّ من تعريفهم بأفضل الممارسات المعتمدة في مجال أمن الحواسيب، وبالتدابير الواجب اتخاذها في حال حذف بيانات أو معلومات عن غير قصد أو تعذّر الوصول إليها بين ملفاتهم. وبما أن الشركات المتوسطة والصغيرة تملك عادة موارد محدودة، لا بدّ من أن يلمّ جميع الموظفين بطرق استرداد معلومات الأعمال في حال وقوع كارثة ما». وتابعت: «يكون فات الأوان في حال عرفنا بعد وقوع كارثة ما أن ليست ثمة نسخة احتياطية محدَّثة من ملفات وبيانات الشركة، وهنا تبرز الأهمية الحاسمة لاختبار تدابير إنشاء النسخة الاحتياطية المنتظمة، وكذلك أهمية اختبار الخطة الموضوعة لتلك الغاية في حال طرأت تغيرات على بيئة العمل». وأوضحت أنه «في حال تعذر على الشركة إجراء اختبارات دورية منتظمة بسبب قلة مواردها أو محدودية نطاق الحزمة، فعليها عندئذ أن تقوّم استعدادها لمواجهة أي كارثة محتملة دورياً، وليكن ذلك كل ثلاثة أشهر على سبيل المثال».