نعم هذا هو الدور المطلوب من كل إعلامي، وهو أحد نماذج الرسالة الإعلامية التي تقوم بتوصيل الأمانة، والتي تقوم بخدمة جليلة لكل من تقطّعت بهم السبل أو تعرضوا لموقف غير عادل أو تعرضوا لحادثة، ووجدوا تقصيراً أو عوملوا معاملة سيئة من مقدمي الخدمة (كل ما سبق هو دور القلم النزيه الذي لا يُشترى حبره بملايين الريالات ولا يغيّر اتجاهه مهما واجه من صعاب ومن انتقادات أو إحباطات). الصحافة ليست أخباراً تنقل عن تحركات الناس، بل هي نقل الموقف بكل حذافيره ليصل، فيتحرك آخرون لتصحيح الوضع ولمحاسبة المخطئ ولتوضيح الحقيقة وإرجاع الحقوق لأصحابها. نشرت صحيفة إلكترونية خبراً عن مقيم مصري يهيم على وجهه في حي النسيم بمدينة الرياض، ويقتات من صناديق القمامة، وذكر الخبر أنه يعيش بلا هدف ولا مأوى سوى ركن صغير في الشارع، يلتحف بكراتين، وأن له بحسب أقوال الأهالي سبعة أشهر بنفس الوضع، وهناك اعتقاد يقترب لليقين أنه فاقد للذاكرة، وبعد نشر الخبر استجابت الشرطة والسفارة المصرية، وكلفت الجهتان مندوبين لبحث حالة المقيم والتحقق من شخصيته، وبحث الاسباب التي جعلته يعيش في هذه الظروف الصعبة عن طريق صندوق رعاية المصريين. رغم استيائي الشخصي من بقاء شخص بهذه الظروف البائسة لمدة سبعة أشهر كاملة أمام أنظار أهل الحي دون أن يتحرك احد في الوقت المناسب لمساعدته وانفراج أزمته بعد كتابة الخبر عنه بعد الشكر الجزيل للصحفي الذي نقل الخبر وتوقف عنده سواء كان بعد بلاغ تلقاه من الأهالي أو باهتمام شخصي منه، والشكر الجزيل للأجهزة التي تجاوبت، أتساءل هل لدينا جهه رسمية معروفة يتمكن المواطن العادي من تقديم بلاغ عن وجود حالة تعيش في ظروف غير لائقة؟ واذا وجدت من هي هذه الجهة؟ وما رقم هاتفها؟ وهل تم الإعلان عنها حتى تعين كل شخص يجد مثل هذه الحالات أمامه، ولا يعرف الى أين يتجه؟ ربما كان هذا الشخص مقدراً له من الله ان يلفت نظر أحد الصحفيين، ولكن هناك غيره ربما لا نراهم بكثرة ونسمع عن وجودهم، فإلى أين نتجه؟ بعد قراءتي للخبر، تذكّرت الخبر السابق أيام فاجعة سيول جدة عن الشخص المسن الذي وجدوه مصادفة في منزل متهالك، وهو في وضع سيئ للغاية منذ بدأت السيول وغرق بيته، ولم يتمكن لا من الهرب ولا من طلب المعونة، بل ظل على سريره لأيام طويلة دون طعام، ورحمة الرحمن الرحيم أنقذته بمرور مجموعة متطوعين، وأفاد بعد إنقاذه بأنه كان يعيش على صدقات الجيران المتقطعة. فلو كانت هناك جهة معنية ببحث وإنقاذ مثل هذه الحالات المقطوعة، والتي لا يخدمها أحد لكان الأمر أسهل وأكثر انسانية من التعاطف مع شخص مسن وعاجز ومده بالطعام على فترات متقطّعة، ثم تركه يواجه مصيره الذي قد لا ينتهي بنهايات سعيدة في الأغلب. شكراً أولاً لصحيفة سبق، وشكراً للصحفي الإنسان، وشكراً للشرطة وللسفارة، التي أتمنى أن تساعده سريعاً، وتُطمئن أسرته في موطنه، التي انقطعت أخباره عنهم لفترة طويلة. [email protected]