في وقت تواصلت حملات الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في المغرب وخصت وسائل الإعلام الرسمية حيزاً وافراً للقوى السياسية، بما فيها تلك الداعية إلى رفضه، دعت «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية التي نظمت تظاهرات حاشدة خلال الشهور الماضية إلى مقاطعة الاستفتاء، مطالبة المغاربة بالتظاهر. وانتقدت «20 فبراير» في بيان أمس «محاولة الدولة الالتفاف على مطلب الدستور الديموقراطي الذي يمثل إرادة الشعب، من طريق صياغة دستور يكرس الاستبداد والفساد من طرف لجنة معينة فوقياً بطريقة غير ديموقراطية». وأعلنت «رفض ومقاطعة الدستور شكلاً ومضموناً». ودانت محاولات ل «قمعها». وناشدت الحركة التي يرى مراقبون أن تظاهراتها لعبت دوراً كبيراً في الدفع باتجاه التعديلات الدستورية المطروحة على الاستفتاء، «مكونات الشعب المغربي كافة، مقاطعة الاستفتاء على الدستور الذي يفتقد كل مقومات الدستور الديموقراطي»، والمشاركة في تظاهرات في كل أنحاء المغرب الأحد المقبل لتأكيد «التشبث بمطالبنا العادلة والمشروعة واستمرار نضالنا حتى تحقيق الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية بالوسائل السلمية». ويعتبر مشروع الدستور السادس للمغرب والأول منذ اعتلاء الملك محمد السادس عرش البلاد في صيف العام 1999. ويفوض المشروع الجديد عدداً من صلاحيات الملك لرئيس الوزراء الذي سيُعين من الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية، لكنه أبقى على صلاحيات سياسية وأمنية ودينية واسعة بيد الملك. واعتبر رئيس الوزراء زعيم «حزب الاستقلال» عباس الفاسي الصلاحيات التي يخولها مشروع الدستور الجديد لرئيس الحكومة «متطورة جداً». وقال في تجمع لمناصري حزبه إن رئيس الحكومة أصبح يحظى للمرة الأولى بصلاحيات «كانت من اختصاصات الملك»، كونها تمنحه سلطة القرار في إقالة وزير أو أكثر، بل الحكومة برمتها. وأشار إلى أن مشروع الدستور ينص للمرة الأولى على إحداث مجلس أعلى للأمن قال إن «القوى السياسية كانت تطالب به كي يتداول الوزراء والعسكريون في القضايا الأمنية والاقتصادية والتكنولوجية والتهديدات الخارجية». ورأى أن مسودة الدستور «أضفت المزيد من الفعالية على دور المعارضة». وذكر بأن حزبه «قضى ثلاثة عقود يمارس دوره في المعارضة، وهو يعرف أن حقوق المعارضة كانت مهضومة، وحان الوقت كي نعامل بتقدير واحترام من طرف الجهاز التنفيذي». وأكد أن حظر تغيير الولاءات الحزبية خلال ولاية البرلمان كما جاء في مشروع الدستور الجديد «يضع حداً لما يعرف بظاهرة الترحال السياسي التي أساءت كثيراً للمشهد الحزبي». بيد أنه نبه إلى وجود «إرادات تريد للمشروع أن يفشل لأنه لا يخدم أجندتها»، داعياً إلى «المزيد من التعبئة لإنجاح رهان الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد» مطلع الشهر المقبل. وأكد زعيم حزب «العدالة والتنمية» عبد الإله بن كيران أن التعاطي ومشروع الدستور الجديد يجب أن يضع في الاعتبارات التحولات الإقليمية والعربية الراهنة. وقال إن مناقشته تأتي في أعقاب سقوط أكثر من نظام، وبالتالي فإنه يشكل تحولاً في المسار الصحيح. وطالب بتنقية الأجواء وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية هجمات الدارالبيضاء العام 2003 «للمشاركة في هذا العرس»، في إشارة إلى أجواء الاستفتاء. وتمنى على الملك إصدار عفو عن مدير نشر صحيفة «المساء» رشيد نيني الذي يقضي عقوبة السجن لسنة، مدافعاً عن الصحافي الذي «كان يدافع عن الملكية وعن المغرب وعن الفقراء والمساكين». لكنه دعا جماعة «العدل والإحسان» الإسلامية المحظورة التي يقودها عبدالسلام ياسين، إلى «الانخراط في المعركة السياسية كي لا تظل على الهامش»، كما حض الأحزاب اليسارية على المشاركة «كي نلتقي في البرلمان لدرس القضايا التي تهم سير البلاد والمؤسسات». وكانت ثلاثة أحزاب يسارية هي «الحزب الاشتراكي الموحد» و «حزب الديموقراطية والاشتراكية» و «الطريق الديموقراطي» دعت إلى مقاطعة الاستفتاء.