أخيراً فرض اختبار «قياس القدرات» على خريجي الثانوية العامة الراغبين في الالتحاق بالجامعات، كما فرض أيضاً على خريجي الجامعات الباحثين عن عمل، حتى تحول هذا «القياس»، بفعل فاعل، لشبح مخيف، أقض مضاجع الطلاب وأسرهم وطفق يطارد أبناء الوطن، ويزنقهم، زنقة زنقة، حتى رمى بهم لمزبلة البطالة التي صنعها المنظرون في مؤسساتنا التعليمية، في الوقت الذي تحاول الدولة مكافحتها، متأكد أن هؤلاء المسؤولين الذين فرضوا هذا النوع من القياس على أولئك المساكين من الطلبة الذين أفنوا أعمارهم في مقاعد الدراسة، لا يجدون مشكلة في قبول أبنائهم في الجامعات، أو الحصول على وظيفة بعد تخرجهم في الجامعة، وهذا أمر متحقق وملموس، ولكنهم فرضوا أجنداتهم وأسلحتهم المتسلطة على أبناء الوطن المغلوب على أمرهم، حتى كان هؤلاء المسؤولون سبباً رئيساً في ضياع هؤلاء، فبدلاً من أن يكونوا عوناً لهم، صاروا غصة في حلوقهم، التعليم في المملكة هو التعليم، بل إن التعليم في السابق بمخرجاته أفضل ألف مرة ومرة، ولم يكن ثمة اختبار قياس ولا هم يحزنون! تخرج العلماء والوزراء والأطباء والمهندسون والطيارون، ولم يكونوا يعرفون هذا القياس المرهب، كون أن التعليم في المملكة شهد تدنياً في مستويات مخرجاته، هذا لا يجعل مبرراً لفرض مثل هذا القياس التعسفي البعدي! الذي أسهم في ضياع أبناء الوطن. الدولة أعزها الله، لا سيما في هذا العصر الذهبي، عصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، دوماً تؤكد على ضرورة إتاحة الفرصة للطلاب بقبولهم في الجامعات وتحقيق رغباتهم، ويدلل على ذلك التوسع في افتتاح الكثير من الجامعات في محافظات المملكة، سعياً لتوطين التعليم، هل يقابل ذلك بإغلاق الأبواب أمام الطلاب؟ هل من المعقول أن «12 عاماً» يدرس فيها الطالب في مراحل التعليم العام تنتهي بساعة أو ساعتين اختبار «قياس» يحكم بنتيجته على مستوى الطالب؟! هل مدة «16» أو «17 عاماً» يدرس فيها الطالب حتى يتخرج في الجامعة، بعدها يبحث عن عمل، يصطدم باختبار قياس لمدة ساعتين، لا يوفق فيه، تضيع سنوات دراسته هباءً منثوراً. كنت أود أن تعاد عقارب الساعة إلى الوراء، ويجرى اختبار قياس للمسؤولين كافة الذين نادوا بهذا القياس المجحف بحق أبنائنا، ليعرف مستوى قدراتهم، قيادتنا الرشيدة ديدنها التسهيل والتيسير على المواطنين، وفتح مجال الدراسة للجميع داخل المملكة وخارجها، وهؤلاء المنظرون، يخلقون المصاعب والمتاعب لأبناء الوطن بالأنظمة الخانقة، إذا كان هذا القياس لا بد منه - وأزعم بعقمه - فلماذا لا يفرض في منهج التعليم لمرحلة الثانوية العامة، من خلال المواد المتنوعة؟ أظن أن هذا هو مكانه، ولكن يبدو أن النظرة له تجارية بحتة، بدليل الرسوم المتكررة التي تفرض على الطالب والتي تصل إلى 700 ريال، يا رعاكم الله، كم طالباً يتخرج في الثانوية سنوياً؟ وكم طالباً يتخرج في الجامعة سنوياً؟ وعليكم الحسبة! هذا هو الظلم العظيم، جدير بأصحاب الكراسي الوثيرة، المنظرين، بأن يتقوا الله في أبناء هذا الوطن وأسرهم، لماذا يتقصد أبناء الوطن بمثل هذا القياس، ويترك الوافد من تطبيقه في حقه، خصوصاً في مجال التعليم؟ هذا هو المحك الحقيقي لصدق نيات من دعا لهذا القياس، يا سبحان الله! بعض المسؤولين لا يهمهم مصلحة الوطن، يستأسد على أبنائه يخلق من الحبة قبة، لأنه في منأى من مشكلات القبول والتعيين، وأموره ميسرة. أليس الأجدر بهذا «القياس» أن يبحث بواسطته عن الخلل الإداري والمالي المستشري في معظم الإدارات الحكومية، هذه دعوة مخلصة وصادقة مني ومن أصحاب الأسر المسكينة، نناشد فيها أصحاب القرار، بأن يُعاد النظر في «اختبار القياس»، وينظر في إلغائه جملة وتفصيلاً، فعقول الشباب لا تقاس من خلال اختبار ساعة أو ساعتين، فالميدان يا حميدان والخبرات مكتسبة، وهؤلاء المنظرون يدركون حقيقة ذلك جيداً، فليتقوا الله بأبناء الوطن، الذين يريدون وأسرهم أن ينعموا بخيراته، كما نعم هؤلاء! [email protected]