واصل حلف شمال الأطلسي (الناتو) ضرباته في ليبيا التي أوقعت في الأيام الماضية عدداً من الضحايا المدنيين، وهو الأمر الذي استغلته السلطات الليبية لاتهام الحلف بتعمد ارتكاب جرائم في حق الشعب الليبي. وأقر الحلف، أمس، بأنه فقد مروحية تجسس بلا طيّار كانت تقوم بعمليات رصد فوق مدينة زليطن التي تقف عائقاً أمام تقدّم الثوار من مدينة مصراتة غرباً في اتجاه طرابلس. وعرض التلفزيون الليبي مقاطع لجنود مؤيدين للعقيد معمر القذافي يتجمعون حول المروحية التي سقطت في زليطن. ووصف التلفزيون المروحية بأنها من طراز أباتشي الأميركية الصنع والتي بدأت القوات البريطانية في استخدامها في العمليات في ليبيا قبل أسابيع فقط. لكن حلف شمال الأطلسي نفى في بيان أن تكون الطائرة من طراز أباتشي كما نفى أن طياراً كان يقودها. وأوضح بيان الحلف أن «المروحية من دون طيار كانت تقوم بمهمة جمع معلومات ومراقبة واستطلاع فوق ليبيا لرصد تحركات القوات الموالية للقذافي التي تهدد المدنيين». وقال مايك براكين الناطق باسم الحلف: «نحن نحقق لمعرفة أسباب الحادث». وقال: «يؤكد الحلف أنه لم يفقد أي طائرات هليكوبتر هجومية». ونقلت «فرانس برس» من واشنطن عن مسؤولين أميركيين إن المروحية من طراز «أم كيو 8 بي فاير سكاوت» وإن السلطات العسكرية «لا تعرف حتى الآن» لماذا فقدت الاتصال مع الرادار. وقد تكون المروحية التي لم تكشف وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن استخدامها من قبل في النزاع في ليبيا أُسقطت أو تحطمت نتيجة حادث تقني أو خلل في أنظمة الاتصالات التي تسمح للطيارين على الأرض بالتحكم بها عن بعد. وكانت هذه المروحية، كما ذكرت «فرانس برس»، قامت بأول رحلة لها في كانون الأول (ديسمبر) 2006، وقد نُقلت إلى قبالة سواحل ليبيا على متن سفينة أميركية. وطائرة «فاير سكاوت» بلا طيار تصنعها شركة نورثروب غرومان الأميركية. وهذه الهليكوبتر هي أول طائرة يُعلن الحلف فقدها فوق ليبيا منذ أن تولى مهمة الغارات الجوية ضد قوات العقيد معمر القذافي في 31 آذار (مارس) الماضي. وتحطمت مقاتلة أميركية من طراز «أف-15 أي» كانت تشارك في الضربات الجوية للتحالف الغربي، قبل تولي حلف الأطلسي قيادة المهمة في آذار. وتمكن طاقم الطائرة من القفز منها بأمان. وقالت الولاياتالمتحدة إن الحادث نتج من خلل فني. في غضون ذلك، نقلت وكالة الجماهيرية الليبية عن مصدر عسكري أن حلف «الناتو» قصف الليلة قبل الماضية شعبية ترهونة، جنوب شرقي طرابلس، مما أدى إلى سقوط «عدد من الشهداء» و «وقوع أضرار بالمباني السكنية». ولم يحدد المصدر عدد القتلى. وفي الإطار ذاته، أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» أمس الثلثاء أن أسرة فلسطينية من أربعة أفراد قُتلت أول من أمس اثر تعرض المبنى الذي تسكن فيه بالعاصمة الليبية لقصف من قوات حلف شمال الأطلسي. ونقلت وكالة «رويترز» عن «وفا» تصريحاً أدلى به تيسير جرادات مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للشؤون العربية وأشار فيه إلى «أن العائلة المنكوبة مكونة من الأب الفلسطيني الأصل عبدالله أحمد شهاب وزوجته الليبية كريمة الحزاوي وطفليهما جمانة (ستة أشهر) وخالد (عام وستة أشهر)». وأضاف: «الأسرة كانت تقيم قبل انتقالها إلى العاصمة الليبية طرابلس في مخيم اليرموك للاجئين في سورية وكان رب الأسرة يعمل مقاولاً في طرابلس». وذكرت الوكالة أن وزارة الشؤون الخارجية أبلغت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالأمر وستجري اتصالات مع الجهات المختصة من أجل تحصيل حقوق «العائلة المنكوبة». وأشارت وكالة «فرانس برس» في تقرير من طرابلس إلى أن مقتل 24 مدنياً خلال 48 ساعة في غارتين شنتهما طائرات حلف شمال الأطلسي على ليبيا أثار انتقادات حادة لهذا التدخل العسكري. وشن الحلف الأطلسي الاثنين غارة جوية على صرمان، غرب طرابلس، أدت بحسب السلطات الليبية إلى مقتل 19 شخصاً بينهم ثمانية أطفال. واعترف الحلف الذي أكد أنه استهدف موقعاً عسكرياً في صرمان، بارتكابه خطأين خلال الأيام الماضية (في سوق الجمعة بطرابلس، وقرب البريقة في شرق ليبيا). واستهدفت غارة صرمان مقر إقامة الخويلدي الحميدي أحد رفاق درب الزعيم الليبي معمر القذافي على بعد نحو 70 كلم غرب العاصمة. وأوضح مسؤول في النظام أن هذا المقر تم استهدافه بثمانية صواريخ. وقال الناطق باسم النظام موسى إبراهيم الذي رافق الصحافيين إلى الموقع إن الغارة «أوقعت 15 قتيلاً بينهم ثلاثة أطفال»، مندداً ب «عمل إرهابي جبان لا يمكن تبريره». وذكرت وكالة الأنباء الليبية في وقت لاحق مساء الاثنين أن عدد الضحايا ارتفع إلى 19. وأفاد مصور من وكالة «فرانس برس» زار المكان مع مجموعة من مراسلي الصحافة العالمية أن مباني عدة دمرت. ولاحقاً، أفاد الصحافي انه شاهد في مستشفى صبراتة التي تبعد عشرة كلم من صرمان تسع جثث كاملة تعود اثنتان منهما الى طفلين اضافة الى أشلاء جثث أخرى. وبعد نفي الغارة، أقر الحلف الأطلسي بعد الظهر بأن طائراته أغارت على صرمان. وأشار الحلف إلى أن مقاتلاته شنت «غارة محددة» في وقت مبكر صباح الاثنين على «مركز قيادة ومراقبة عالي المستوى». وأصدرت الحكومة الليبية (اللجنة الشعبية العامة) بياناً في طرابلس مساء الاثنين سخرت فيه من وصف حلف «الناتو» الهدف الذي تم قصفه في صرمان بأنه «مركز قيادة ومراقبة». وقالت إنها «تستغرب وبشدة كيف يمكن أن يكون الأطفال والنساء والشيوخ نياماً في هذا المكان الذي وصفوه بمركز قيادة ومراقبة. وإذا كان حلف الناتو يعتبر كل بيت ليبي مركزاً للتحكم والسيطرة أو القيادة والمراقبة، كما يدّعي، فإن هذا يعني أنه سيقصف ويدمر بيوت ستة ملايين مواطن ليبي». واعتبرت «أن الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين في كافة مدن الجماهيرية العظمى هي جرائم ضد الإنسانية». في غضون ذلك، ذكرت وكالة الأنباء الليبية أن نصر المبروك عبدالله أدى اليمين القانونية أمام أمانة مؤتمر الشعب العام ظهر أمس الثلثاء ليتولى منصبه أميناً مساعداً مكلفاً اللجنة الشعبية العامة للأمن العام.