يشاهد متابعو محطات التلفزة اللبنانية هذه الأيام، فيلماً دعائياً للسوق الحرة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، هو عبارة عن رقصة يؤديها شبان وصبايا على إيقاع أغنية لبنانية تراثية هي «الهوارة» ممزوجة بكثير من الحداثة، في المكان والزمان وكذلك في المشاركين في الرقصة. وعلى رغم جمال الإعلان والفرح الذي يعكسه الرقص وسط المسافرين، واللعبة الإخراجية الجميلة في جعله عفوياً عبر توزيع ملابس متنوعة على أعضاء الفرقة بما يوحي للمشاهد أن الجميع، مسافرين ومضيفين وبائعين، يرقصون فرحاً وبطريقة عفوية لأنهم في لبنان، وعلى نغمات كلمات تدعو المشاهدين إلى زيارة هذا البلد، وعلى رغم أهمية توقيت إطلاق الفيلم أوائل موسم الاصطياف وبالتزامن مع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، إلا أن أكثر من مليون شخص شاهدوا الفيلم إياه قبل أشهر على موقع «يوتيوب». فتحت عنوان «رقصة عفوية في مطار بيروت» بثّ الفيلم بأعضاء الفرقة نفسها والمضمون ذاته، لكنه كان مصوراً بكاميرا واحدة وعادية، ويبدو أن معدي الفيلم ومبتكري فكرته كانوا حينها يجرون «بروفة» تنفيذية للفكرة. وعلى رغم ضعف مستوى التصوير التجريبي إلا أن الفيلم لقي رواجاً ما بعده رواج إذ بلغ الرقم الدقيق للذين شاهدوه على «يوتيوب» مليوناً و165 ألفاً و593 مشاهداً، ولا يزال الرقم بازدياد ما دام مستخدمو الإنترنت يلجون الصفحة ويجرون بحثاً. واللافت في الأمر، أن اللبنانيين خلطوا العلاقة بين وسيلتي البث (الإنترنت والتلفزيون)، كما فعلوا بين المسرح والتلفزيون. فالأمر المنطقي الذي كان سائداً، أن الناس تأتي من المسرح إلى التلفزيون، لكن في السنوات الأخيرة جعل اللبنانيون التلفزيون منطلقاً اثبتوا من خلاله شعبيتهم ثم ذهبوا إلى المسرح، بخاصة مسرح القوالين، ليسحبوا جمهوراً وراءهم. وهنا أيضاً جرى العرف الإنترنتي الحديث نسبياً، أن تأخذ المواقع أفلاماً ومشاهد من التلفزيون فتوثقها وتقدمها إلى من فاتهم أن يشاهدوها من خلال التلفزيون. ولكن ربما بدأ اللبنانيون نهجاً جديداً في هذه العلاقة بين الإنترنت والتلفزيون لتصبح أكثر تداخلاً وتفاعلاً وتبادل أدوار، عبر بث الفيلم أولاً عبر الإنترنت ثم الانتقال به إلى التلفزيون بنوعية أعلى وجودة أكبر لدواع فنية. الأكيد والمحسوس في هذه المسألة، أن مبتكري الفكرة ومعدي الإعلان لمسوا نجاح خطوته بالأرقام عبر الإنترنت أولاً، وأدركوا أنها مبتكرة وجميلة وستلقى إعجاباً كبيراً إذ أفادهم عداد «يوتيوب» أن مليوناً شاهدوه، فمضوا قدماً بتنفيذها وتحسين جودتها لتصبح إعلاناً جميلاً فرحاً يحتاج لبنان واللبنانيون فعلاً في هذا الموسم الصيفي إلى أن يؤتي فعله لدى السياح فيشدوا الرحال إليه... خصوصاً أن الدعوات الموجهة إليهم لا تقتصر على فيلم دعائي واحد بل هناك عشرات الإعلانات عن المهرجانات المتنوعة والمسارح وكذلك تصريحات بعض المعنيين بالشأن السياسي، على أمل أن تؤدي الرسالة التلفزيونية دورها.