أعاد البرلمان الألماني أمس انتخاب أنغيلا مركل، رئيسة الحزب المسيحي الديموقراطي، مستشارةً للبلاد، في ولاية رابعة على التوالي. وحصلت مركل (63 عاماً) على 364 من أصوات 399 نائباً منتمين إلى التحالف المسيحي الاشتراكي الذي يشكل الحكومة الألمانية العتيدة، أي أقل ب35 صوتاً من غالبيتها النظرية. وحضر جلسة الانتخاب 692 من 709 نواب في البرلمان، وصوّت 315 من ممثلي الأحزاب الأربعة المعارضة ضد مركل، وأسقط 9 نواب ورقة بيضاء. وتؤكد مركل بهذه النتيجة أنها لا تزال حاضرة على الساحة السياسية، لكنها لم تعد تحظى بوضع «مستشارة لا يمكن تجاوزها»، بعد أزمة الهجرة وتصاعد اليمين المتطرف في ألمانيا، ومأزق سياسي تلا الانتخابات الأخيرة. وبانتخابها مستشارةً للمرة الرابعة، تكون مركل تجاوزت فترة 12 سنة التي حكم فيها كونراد أديناور، المستشار التاريخي المسيحي الأول لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وتسير على طريق التساوي مع عرّابها المستشار هلموت كول، الذي حكم 16 سنة. وتبدأ مركل ولايتها الرابعة في المنصب بعد تأخّر 6 أشهر في تشكيل الحكومة، إثر دخول «حزب البديل من أجل ألمانيا» الشعبوي البرلمان بقوة، مع 92 نائباً وخلطه الأوراق، وكذلك رفض الحزب الاشتراكي التحالف مجدداً مع الائتلاف المسيحي، وفشل تشكيل حكومة رباعية، قبل عودة الاشتراكيين لقبول التحالف. واضطُرت لتقديم ضمانات للجناح الأكثر يمينية في حزبها، مع وعد بتحديد سقف لعدد المهاجرين. في المقابل، تأمل أوروبا بأن تبدأ أضخم قوة اقتصادية فيها العمل بسرعة، لتحديد مواقف مشتركة من تحديات طارئة. ويُفترض أن تسعى مركل إلى طمأنة شركائها الأوروبيين إلى قدرتها على التحرك إزاء تبعات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتصاعد الشعوبية المناهضة للاتحاد. ويحتلّ إصلاح الاتحاد أولوية قصوى في برنامج عمل الحكومة الألمانية، وتعهدت مركل «الإسراع في استعادة ألمانيا صوتها القوي» في القارة. وستكون باريس أولى محطاتها، حيث تجري قريباً محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في شأن إصلاحات طرحها أخيراً، خصوصاً إقرار موازنة لمنطقة اليورو. وبعد انتخابها، زارت مركل الرئيس فرانك فالتر شتاينماير، وحصلت منه على شهادة التعيين في منصب المستشار. وأدى شتاينماير دوراً حاسماً في إقناع قيادة حزبه الاشتراكي بتجديد التحالف مع الائتلاف المسيحي، لمواجهة التيار الشعبوي في ألمانيا وأوروبا. وأنهت مراسم أمس، عملية طويلة لتشكيل غالبية مستقرة في البلاد. ولم يسبق أن احتاجت ألمانيا إلى هذا الوقت لتشكيل حكومة. ونجح «حزب البديل» الشعبوي في الإفادة من أصوات الخائبين من المواقف الوسطية لمركل، ومن المستائين من قرارها عام 2015 باستقبال مئات آلاف من طالبي اللجوء. وواضح أن الولاية الرابعة لمركل لن تكون مريحة، بل يتكهن مراقبون بانتهائها قبل الأوان، ويرى آخرون أن «نقاش مرحلة ما بعد مركل انطلق فعلياً». إلى ذلك، قرر الحزب الاشتراكي مراجعة أداء التحالف الحكومي بعد 18 شهراً، في إيحاء إلى أنه قد لا يصمد ل4 سنوات، إذا لم تسر الأمور في صورة جيدة.