مرّر البرلمان التركي تعديلات على قانون الانتخابات، اعتبرت المعارضة انه يتيح لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم تشكيل «تحالف قذر» مع حزب «الحركة القومية»، كما يهدد بتزوير الاقتراع ويمهد لتعزيز حكم الرئيس رجب طيب أردوغان. وبعدما أعلنت عائشة نور بهجة كابيلي، نائب رئيس البرلمان، نتيجة التصويت وإقرار التعديلات، وهي في 26 مادة، إثر جلسة ماراثونية ليلية، نشب عراك بالأيدي بين نواب معارضين وآخرين من «الحركة القومية»، تبادلوا خلاله لكمات ولاحقوا بعضهم بعضاً داخل القاعة. وتُنظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الوقت ذاته، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019. وبعد الاقتراع، سيُطبق تعديل دستوري أُقِر في استفتاء عام نُظم في نيسان (أبريل) 2017، حوّل النظام في تركيا رئاسياً، ومنح أردوغان صلاحيات واسعة. ويرفع القانون رسمياً حظراً على تشكيل تحالفات انتخابية، ما يمهد لشراكة بين «العدالة والتنمية» و «الحركة القومية»، ويمكّن الحزب الأخير من دخول البرلمان، ولو لم يتجاوز عتبة 10 في المئة من الأصوات في الانتخابات. في المقابل، يضمن أردوغان دعم القوميين لسياساته. ووصفت المعارضة الأمر ب «تحالف قذر» يتيح ل «الحركة القومية» أفضلية على أحزاب أخرى. كما يخشى معارضون أن تقوّض التعديلات نزاهة الانتخابات وتشجّع على تزوير، إذ إن القانون الجديد يقبل بطاقات الاقتراع التي لا تحمل ختماً رسمياً من لجان الانتخاب المحلية، ما يضفي صبغة رسمية على قرار اتُخذ خلال الاستفتاء العام الماضي، وأثار غضباً واسعاً لدى منتقدي الحكومة وقلقاً لدى مراقبي الانتخابات. كما يمنح القانون المجلس الأعلى للانتخابات سلطة دمج دوائر انتخابية ونقل صناديق اقتراع من دائرة الى أخرى، ويمكّن افراد الأمن من دخول مراكز الاقتراع، إذا طلب منهم ناخب ذلك. وتعتبر الحكومة أن هذا إجراء مطلوب للقضاء على ترهيب قد يمارسه «حزب العمال الكردستاني» على الناخبين في جنوب شرقي البلاد ذي الغالبية الكردية. لكن نواباً معارضين، بعضهم من «حزب الشعب الجمهوري» اليساري، نبّهوا الى أن وجود قوات الأمن في مراكز الاقتراع قد يُستغلّ للحدّ من شفافية فرز الأصوات. كما حذر «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي من أن هذه الإجراءات قد تؤدي الى نقل صناديق الاقتراع خارج الدوائر التي يحظى فيها بدعم قوي. وانتقدت ميرال دانيس بيستاش، النائب عن «حزب الشعوب الديموقراطية»، العجلة في تمرير القانون في الجلسة التي استمرت نحو 20 ساعة. وسألت: «لماذا؟ لأن تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية سارع بتقديم اقتراحه الذي يضمن لهم مستقبلهم الخاص ويشجّع الفاشية». واعتبرت أن القانون الجديد مؤشر إلى أن انتخابات مبكرة قد تُنظم «في أي وقت». وتعهد «حزب الشعب الجمهوري» تحدي التعديلات أمام المحكمة الدستورية. على صعيد آخر، أفادت وكالة «دوغان» الخاصة للأنباء بأن النيابة العامة التركية طلبت السجن المؤبد للقس الأميركي أندرو برانسون، لاتهامه بأنه «مسؤول تنفيذي» في جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا عام 2016. وأوقفت السلطات التركية برانسون في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، علماً انه كان يشرف على كنيسة في مدينة إزمير ويقيم في تركيا منذ 23 سنة. وأثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب ملفه، لدى لقائه أردوغان في واشنطن قبل شهور. وكان الرئيس التركي اقترح في أيلول (سبتمبر) 2017 مبادلة غولن ببرانسون، وهذا ما رفضته واشنطن.