قطعت الحكومة اللبنانية نصف الطريق لكسب ثقة الدول المانحة والداعمة لاقتصاد البلد في مؤتمر باريس (سيدر) في 6 نيسان (أبريل) المقبل، بإقرارها موازنة 2018، مخفِّضة العجز عما كان عليه العام الماضي، وهو أحد شروط مساعدة لبنان في البرنامج الاستثماري الذي سيقدمه للمؤتمر بقيمة تفوق 16 بليون دولار تنفق على مدى 12 سنة. وأقرت الحكومة مشروع الموازنة الجديدة في اجتماع برئاسة رئيسها سعد الحريري أمس، بعد اجتماعات ماراثونية على مدى أسبوعين للجنة وزارية مصغرة عملت لخفض موازنات الوزارات بنسبة معدلها 20 في المئة من المشروع الأساسي الذي كان وضعه وزير المال علي حسن خليل، بعدما اعتبرت المؤسسات المالية الدولية أن على لبنان إدخال إصلاحات وخفض العجز واستنزاف قطاع الكهرباء (المدعوم من الخزينة) النفقات. وأعلن رئيس البرلمان نبيه بري أن المجلس النيابي مستعد لتكثيف جلساته من أجل إقرار الموازنة الجديدة قبل مطلع نيسان، لتتمكن الحكومة من حضور مؤتمر باريس مسلحة بإنجازها، للحصول على المساعدات المنشودة لتصحيح الاقتصاد اللبناني. ويأتي إقرار الحكومة الموازنة التي يترقبها المجتمع الدولي، قبل يومين من انعقاد مؤتمر روما لدعم القوات المسلحة اللبنانية بعد غد الخميس، والذي قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إنه «سيعزز قدرات المؤسسات الأمنية والجيش الذي يطالب لبنان بتزويده أسلحةً نوعية تمكّنه من أداء دوره في الاستراتيجيا الدفاعية الوطنية التي ستكون موضوع بحث بعد الانتخابات النيابية». وبارك الحريري للبنانيين إقرار الموازنة في مؤتمر صحافي مع الوزير خليل، معتبراً أنها إنجاز للحكومة «والتجربة أثبتت أنه كلما تم الاتفاق في السياسة يتم الإنجاز في الحكومة». وتابع: «حافظنا على لبنان وابتعدنا عن نموذج اليونان». وأشار إلى أن «الموازنة تتضمّن إصلاحات وحوافز لكلّ القطاعات، وتحقق وفراً في الوزارات. واستطعنا الوصول إلى أرقام 2017 ذاتها والعجز فيها مقبول». وعن حل أزمة الكهرباء التي تشكل مادة سجال دائم بين أطراف الحكومة وعلى الصعيد الإعلامي، قال الحريري إن كل الأفرقاء في البلد يريدون حل الأزمة، ويجب إبعاد السياسة من الملف، وأصحاب المولدات غير القانونية هم المستفيدون من قطع الكهرباء، ويحققون بليوني دولار سنوياً من دون دفع أي ضريبة. وفيما اعترض وزراء على خفض نفقات (وزيرا العدل والإعلام مثلاً...) شدد وزراء حزب «القوات اللبنانية» على ضرورة الإصلاحات البنيوية، وقال الحريري: «مهما أنفقنا في الكهرباء حتى لو عبر استئجارها أو إنشاء محطات بسرعة قصوى، وإذا وصلنا إلى 24 ساعة نوفر على المواطن 40 في المئة من الفاتورة التي يدفعها. هناك مشكلات في السياسة سنحلها وفق مصلحة البلد». وقال وزير المال: «على رغم أننا تأخرنا شهراً عن المدة الدستورية، كانت هناك أسباب سياسية أخّرت بدء نقاش الموازنة، لكن إقرارها اليوم يؤكد التزام الحكومة الكلام الذي قالته حول دورية الموازنة، وفي موضوع قطع الحساب، العمل فيه يسير بجدية، لإنهاء الحسابات عن السنوات الماضية». وأضاف: «لم تقر أي ضريبة جديدة، والرئيس الحريري كان حريصاً على هذا الأمر. وبالنسبة إلى قوانين البرامج اتفقنا على أن تأتي بقوانين منفصلة وألا يتضمّن مشروع الموازنة أي قانون برنامج جديد سوى التي كانت واردة في الموازنات السابقة». وتحدث عن خفض عدد من الرسوم العقارية لمصلحة الطبقات المحدودة الدخل وعن إعفاء المستخدمين اللبنانيين من الرسوم في الضمان الاجتماعي وعن ترشيق القطاع العام والاستغناء عن بعض المؤسسات الرسمية وعن مشروع بناء مجمعات للوزارات لتوفير إيجارات الأبنية التي تدفع لها. وقال: «نذهب باتجاه إصلاحات حقيقية. لا نستطيع أن نعمل كل شيء في الوقت نفسه، لكن المهم أن نضع أنفسنا على المسار الصحيح». وأضاف: «إذا سارت الأمور كما هو متوقع مع مجموعة إصلاحات نسقنا فيها مع مؤسسات دولية، يمكن أن تكون لدينا فرصة في نهاية 2018 لتحقيق نسبة نمو تتجاوز التوقعات، أي 2 في المئة إلى 2.5 و3 في المئة». وعرض لأرقام الموازنة كالآتي: «مجموع الموازنة العامة 23854 بليوناً و271 مليوناً و623 ألف ليرة زائد أرقام السلفة التي تعطى لشركة كهرباء لبنان لتغطية عجزها أي 2100 بليون ليرة وتدخل في مادة قانونية ولم نهربها كما قال بعض الإعلام. وعجزُنا هو 7267 بليوناً و402 مليون و623 ألف ليرة. وهو أقل من عجز السنة الماضية بحوالى 220 بليون ليرة بما فيه عجز الكهرباء. التحدي الأكبر أننا ندفع من موازنتنا 38,2 في المئة خدمة للدَيْن العام». بخاري في بيروت من جهة ثانية باشر الوزير المفوض السعودي وليد بخاري نشاطه في بيروت أمس بصفة قائم بالأعمال، فالتقى وزير الخارجية جبران باسيل للبحث في تطوير العلاقات بين البلدين.