أنقرة، دمشق - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - تزايدت أعداد اللاجئين السوريين على الحدود مع تركيا مع استمرار الحملة الأمنية في المناطق الشمالية السورية وشن السلطات حملة اعتقالات واسعة، ويأتي ذلك فيما أجرت تركيا وسورية محادثات أمس حول تطورات الوضع داخل سورية وأوضاع اللاجئين على الحدود المشتركة بين البلدين. والتقى حسن تركماني مبعوث الرئيس السوري بشار الأسد مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أول من أمس. وواصل أمس محادثاته مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. وقال مسؤولون أتراك إن الجانب التركي أوصل للمبعوث السوري رسالة واضحة بضرورة البدء فوراً في الإصلاحات ومعالجة الأوضاع الداخلية لوقف فرار اللاجئين السوريين. وكان تركماني قال لدى وصوله أنقرة إنه سيبحث العلاقات الودية بين دمشقوأنقرة مع المسؤولين الأتراك. وتابع: «تركيا دولة صديقة. سألتقي رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. سنتحدث عن علاقات الصداقة بين تركيا وسورية». وأضاف أن اللاجئين السوريين سيعودون قريباً «مواطنونا هنا في تركيا موقتاً لفترة وجيزة. سيعودون قريباً. أعددنا كل شيء لهم وبدأوا في العودة». وذكرت وكالة الأناضول للأنباء أن الأسد اتصل بأردوغان هاتفياً أول من أمس ليهنئه بالفوز بولاية ثالثة كرئيس للوزراء وحينذاك طلب منه إرسال مبعوث. وكان أردوغان الذي تربطه علاقة وثيقة بالأسد قد صرح قبل إعادة انتخابه بأنه سيتحدث مع الأسد فور انتهاء الانتخابات «بطريقة مختلفة تماماً» وعبر عن استيائه من استخدام أساليب القمع ضد الشعب السوري. وقالت وكالة الأناضول للأنباء إن أردوغان طلب في محادثة قبل يومين من الرئيس السوري تجنب استخدام العنف مع شعبه ونصحه بتطبيق إصلاحات بأسرع وقت ممكن. وقال مسؤول تركي: «إن القيادة التركية ستحمل مبعوث الأسد الرسالة نفسها على الأرجح». أما أوغلو الذي يعد المسؤول الأول عن ملف العلاقات التركية - السورية فقد تفقد مخيمات اللاجئين السوريين أول من أمس للاطلاع على التدابير التي اتخذتها تركيا لاستقبالهم، مشدداً في الوقت ذاته على أن تركيا تريد أن ترى إصلاحات في أسرع وقت في سورية. وقال أوغلو للصحافيين في مطار أنقرة قبل توجهه الى الحدود: «لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي إزاء ما يجرى لدى جارنا وشقيقنا... نأمل في أن يبدأ تنفيذ إصلاحات في أقرب وقت». وأكد الوزير أن بلاده تقوم بجهود مكثفة لدى دمشق والمجتمع الدولي من أجل «وقف ما يحصل ضد المدنيين في سورية» وخصوصاً من أجل أن يتوقف تدفق اللاجئين إلى تركيا. وأقيمت مخيمات للاجئين السوريين في إقليم هاتاي التركي القريب من بلدة جسر الشغور الحدودية وعلى بعد 20 كيلومتراً فقط من الحدود المشتركة. ويجرى الاستعداد لاستقبال موجة أخرى من اللاجئين على مسافة أبعد إلى الشرق على الحدود السورية التركية المشتركة وطولها 800 كيلومتر. وقال مسؤول من الهلال الأحمر التركي، تجري إقامة مخيمات جديدة قرب مدينة ماردين وبلدة نصيبين تستوعب عشرة آلاف شخص. وتوزع 8421 لاجئاً سورياً، أكثر من نصفهم من الأطفال، على ثلاثة مخيمات أقامها الهلال الأحمر التركي في محافظة هاتاي، كما أعلنت السلطات المحلية. وتقع هذه المخيمات في بلدتي يلاداغي والتينوزو. وهناك ستون سورياً حالياً في المستشفيات لإصابتهم بجروح مختلفة. وفي أحد شوارع قرية جويتشتشي في إقليم هاتاي أعطى سوري، عمره 36 سنة قال إن اسمه أحمد، لمحةً حول ما يعانيه اللاجئون، قائلاً ل «رويترز»: «قررنا الفرار الى تركيا بعد أن علمنا بوصول القوات الى جسر الشغور... أنا وزوجتي وأبنائي الستة. سمعنا أنهم يحرقون المدينة بما فيها من مساجد». وأضاف: «جئنا الى هنا لنحمي أنفسنا. لسنا ضدهم لكنهم يقاتلوننا وكأننا كفرة». ومضى يقول: «لا أعتزم العودة الى أن يتحسن الوضع هناك. بعض أقاربي أصيبوا خلال الاحتجاجات في جسر الشغور. أحدهم أصيب بالرصاص في قدمه وقتل اثنان وأصيب آخر بعيار ناري في رأسه وهو في الرعاية المركزة الآن». الى ذلك قال الصحافي التركي محمد علي بيراند إن تركيا درست اقامة منطقة عازلة عسكرية داخل الأراضي السورية في حال اندلاع حرب أهلية في هذه الأخيرة. وقال الصحافي ل «فرانس برس» وفق ما قيل لي، فإنه اذا اندلعت حرب اهلية في سورية فإن بين مئة ومئتي إلف لاجئ سيتدافعون نحو تركيا وعندها ستتدخل الأممالمتحدة وستضطر تركيا إلى إغلاق الحدود وإقامة منطقة عازلة» مستخدمة جيشها. وأضاف بيراند في تعليق على مقال بهذا الصدد نشره الخميس في صحيفة «بوستا» انه «خيار أثير على أعلى المستويات قبل فترة». إلا أن ديبلوماسياً اتصلت به «فرانس برس» حول الموضوع نفى علمه بمشروع مماثل. وزاد الديبلوماسي «في الظروف الراهنة نحن نتباحث في مختلف الخيارات ويمكن ان يكون احد هذه الاحتمالات». ويأتي ذلك فيما صرح مسؤولون ان نجمة هوليوود انجيلينا جولي ستزور اليوم مخيمات اللاجئين السوريين الذين فروا الى تركيا، حيث ستتفقد المخيمات المقامة في جنوب تركيا. وقال ناطق بلسان وزارة الخارجية التركية ل «فرانس برس»: «ستزور جولي اقليم هاتاي الجمعة متجهة من اسطنبول». وجاء تأكيد الزيارة بعد طلب جولي بصفتها سفيرة للنوايا الحسنة للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من السلطات التركية السماح لها بزيارة المنطقة الحدودية.