أنصفت قرارات أصدرتها وزارة العدل السعودية، أخيراً، المرأة في المملكة، وحدّت من معاناتها في المطالبة بحقوقها ومنحتها حرية حقيقية كفلها لها الإسلام، حجبت عنها في أوقات سابقة وتسببّت بضياع بعض من حقوقها وتفريقها عن أبنائها من دون وجه حق، وبما كان يوقع على كاهلها التزامات مالية واجتماعية نتيجة عدم الإنفاق على الأبناء، أو عدم تعاون الولي أو تحرجه من الخوض معها في المطالبة بحقوقها وحقوق أبنائها. إذ إن معظم القضايا الاجتماعية وما يصاحبها من حالة إنسانية وعوز هي بسبب الحق الذي كان محجوباً في السابق عن المرأة في حضانة أبنائها وعدم تمكينها وأبنائها من حقهم الشرعي في النفقة، والآن بعد أن وضعت الأمور في نصابها الشرعي الصحيح وجدت محاكم الأحوال الشخصية انفراجاً حقيقياً في قضاياها المتراكمة والمتأخّرة، فحق المرأة بالحضانة مكفول لها تلقائياً والمراجعات المستمرة والجلسات التي كانت المرأة تدور في فلكها لأشهر وسنوات، لن تتكرر بعد أن منحت الحضانة والولاية على أبنائها. تقول المحامية بيان زهران ل «الحياة»: «أصدر المجلس الأعلى للقضاء قراراً يقضي بإلزام المحكمة ناظرة قضية الحضانة أن يتضمّن الحكم، إضافة إلى حق مراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى الدوائر والجهات الحكومية والأهلية، ما عدا السفر بالمحضون خارج المملكة، فلا يكون إلا بإذن من القاضي في بلد المحضون، وذلك فيما إذا كان الحاضن غير الولي وأن يُعامل طلب الإذن بالسفر بالمحضون خارج المملكة معاملة المسائل المستعجلة وفقاً للمادتين (205-206) من نظام المرافعات الشرعية». وتضيف زهران أن المجلس الأعلى للقضاء السعودي قرر في اجتماعه الأخير تضمينَ صك الحضانة أن للحاضن تسلُّم المبالغ التي تُصرف للمحضون من إعانات ومكافآت شهرية، أو موسمية من الجهات الحكومية والأهلية، وبذلك يزول حمل كبير عن عاتق المرأة الحاضنة. فيما اعتبرت الكاتبة تغريد الطاسان أن وزارة العدل تُعد من أكثر الوزارات حراكاً في ما يتعلّق في تحسين الظروف والفرص للمرأة في نيل حقوقها وفق نظام يحفظ لها كينونتها، ويجعلها تشعر بالمواطنة، ولا تحتاج لطابور طويل يستغلها لتنال شيئاَ من حقها. وتقول الطاسان: «التطور الذي لمسناه لا سيما في قضايا الأحوال الشخصية يجعلنا نتفاءل بما سيلي، ويجعلنا نفرح أننا في ظل قيادة تسعى لتصحيح أوضاع كثيرة توارثتها المرأة على مدى الأجيال. اليوم نرى أن المرأة تستطيع الدخول إلى المحاكم بيسر وسهولة وتجد كل حقوقها ومن يستمع لها وينصت. ونجد من يعيد لها حقها في فترة وجيزة». نظرت وزارة العدل بأوامر قضائية وتعديلات جوهرية عدة في الأحكام المتعلّقة بالفرد عموماً والمرأة خصوصاً. وتميّزت أخيراً بإصدارها قرارات إصلاحية كثيرة على مستويات عدة، أبرزها قضية تمكين المرأة. كما أصبحت معاملات المرأة ميسّرة في شؤون كثيرة كانت رهن التعقيد لفترة طويلة، ما كان يؤخّر حصولها على حقوقها كالطلاق والخلع والحضانة والنفقة وغير ذلك، حتى أصبح من الممكن حلّ هذه الأمور في فترات وجيزة، وربما تستطيع إنجاز بعضها إلكترونياً من دون تكبّد عناء الذهاب إلى محاكم الأحوال الشخصية. وعددت الطاسان أهم منجزات وزارة العدل خلال الأشهر القليلة الماضية، من تسهيل الإجراءات لحصول المرأة المستحقة على صك الإعالة تمهيداً للتقدّم بطلب منح سكنية، إلى جانب نزع الولاية عن ولي المرأة المعنفة وتوكيل مهام ولايتها للقاضي، وتنسيقها مع الحاكم الإداري لإيقاف الأشخاص والمعتدين على المرأة من دون انتظار الحكم القضائي. كما وحّدت الأحكام الأسرية (طلاق ونفقة وزيارة وحضانة وغيرها) في صك واحد، وأقرّت الجهات التشريعية 10 إجراءات لضبط زواج القاصرات، بعدما تقدّمت وزارة العمل بمقترحات في هذا الشأن، من بينها «قصر الإذن بتزويج من هي في سن ال17 وما دون على المحكمة المختصة، وأن يكون طلب التزويج مقدّماً من الفتاة أو وليها الشرعي في النكاح، أو والدتها». وأشارت الطاسان أيضاً إلى إنجاز الوزارة إقرار «تنظيم صندوق النفقة للمطلّقات والأبناء، وهو المقترح الذي رفعته إلى مجلس الوزراء، بحيث يرتبط الصندوق مباشرة بوزير العدل، وستكون له شخصية اعتبارية وموازنة مستقلة ويهدف إلى النفقة على المستفيدين من دون تأخير، وصرف النفقة الموقتة للمستفيد المستحق قبل صدور الحكم بصرفها، إلى جانب صرف النفقة لمن صدر له حكم قضائي باستحقاقها ولم ينفّذ لغير عذر الإعسار. كما أوجب المجلس الأعلى للقضاء إضافة نموذج في أنظمة وزارة العدل ضمن القضايا الانهائية باسم إثبات حضانة، ومكّنت الوزارة أيضاً المرأة في التوظيف بطرحها ل4 مسميات وظيفية». وتختم الطاسان قائلة: «نحن النساء، ننتظر من الوزارة النظر في الاعتبارات لقرار منع السفر إلا بإذن ولي الأمر والذي جعل من بعض يستغله استغلالاً لا يمت إلى الإنسانية بصلة. ونتمنى أن تجد تشريعاً يحدّ من التصرّفات الخاطئة ومعاملة الزوجين سواسية في قضايا السفر، من دون تفرّد أحد بشيء عن الآخر. كذلك نطمح إلى إلغاء ولاية الرجل المطلقة على المرأة والتي جعلت من حياة كثيرات جحيماً لا يطاق، لأنه للأسف نفتقد كثيراً للرجال الحقيقيين في هذا الزمن، فمن الظلم منحهم ما لا يستحقون». وأخيراً ما يجعل السعوديات يتفاءلن برؤية 2030 هو تمكينها ونظرتها للمرأة بنظرة إيجابية ستجعلها في مصاف نساء العالم، ولن تبخل عليها بأي حق يحفظ لها ما تريد وما يجعل حياتها أسهل.