الحضر (العراق) - أ ف ب - تجرب القوات الأميركية في شمال غربي العراق الصحراوي أساليب جديدة لردع المقاتلين، ومعالجة المشاكل مباشرة للحصول على تأييد السكان، عوضا عن الاكتفاء بضخ الأموال لتحقيق ذلك. وهدف هذا التغيير تعزيز المكاسب الأمنية في منطقة ما زالت تشكل معقلا لفلول «القاعدة» وغيرها من الجماعات المسلحة، على رغم مرور ست سنوات على اجتياح العراق. ويؤكد الجيش الأميركي ضرورة حشد تأييد السكان للتوصل الى تحقيق الأهداف الأمنية في محافظة نينوى. وأوضح الكابتن جارد نيكولز من فرقة الخيالة الأولى أن «الامور هنا غير مستقرة، وتدرك الحكومتان الاميركية والعراقية ان الاوضاع قد تنقلب اما ايجابا او سلبا في اي لحظة». واضاف: «انها معركة الاستحواذ على ارادة الشعب، من اجل تأييد الشرعية ودعم الحكومة وقواتها الامنية»، مذكرا بالفوضى العارمة التي عمت العراق بعد اجتياحه في اذار (مارس) 2003. ولم يطلق رجال الكتيبة التي يتولاها نيكولز اي رصاصة، منذ وصولهم قبل حوالي اربعة اشهر الى منطقة الحضر الواقعة في محافظة نينوى. فقد تراجعت الهجمات ولم يسجل غير اعتداءين أسبوعيا فقط، بينما كانت تشهد نحو عشرين هجوما في الفترة ذاتها العام الماضي. لكن اللفتنانت كولونيل مايكل فادن يعتقد ان «المسلحين ربما يواصلون عملياتهم للمساعدة على تسلل السلاح والرجال عبر المناطق الصحراوية المتاخمة للحدود مع سورية». ويضيف: «نعتقد ان القاعدة ومسلحين آخرين قد تكون لهم تحركاتهم عبر الصحراء. من الصعوبة بمكان التمييز بين تهريب السلاح للمقاتلين وعمليات التهريب التقليدية للمواد الضرورية للحياة في هذه المنطقة». ويتمركز الفوج الاميركي قرب موقع الحضر الاثري المصنف ضمن لوائح منظمة اليونيسكو للتراث العالمي. وكان المكان مركزا لشبكة تجارية تمتد من البحر المتوسط عبر الصحراء وصولا الى العراق. ويواجه نيكولز وعناصر الكتيبة تحديات عدة، مثل الفقر والبطالة والجفاف وضحالة العلم والجريمة ونقص التمويل الحكومي وقوة من الشرطة لا تستطيع التعامل مع الخصومات العشائرية. وقال فادن ان عشيرتين كبيرتين تسيطران على السياسة المحلية في الحضر، ما يترك العشائر الصغرى المنافسة في اوضاع هشة يستغلها المسلحون. ويتفقد نيكولز البلدة مرات كل اسبوع للقاء المسؤولين وتلقي طلبات لقروض لا يتجاوز سقفها 2500 دولار ضمن برنامج مساعدات مخصص للمشاريع الصغيرة. وقد تلقى سبعين طلبا حتى الآن. ويمطر السكان القوات الاميركية بالاسئلة، اعتقادا منهم بأنها ما زالت توزع الاموال من دون اي قيود كما كانت تفعل سابقا. واضاف نيكولز: «نتعامل مع كل قضية على حدة فالحل الواحد لا يمكن تطبيقه هنا. الامر يتعلق بتحديد خصوصيات كل مشكلة». اما رئيس بلدية الحضر علي صالح مهدي فأكد ان «المشكلة الاكبر التي نواجهها هنا هي قلة الموارد المائية». وتوجهت عشرات العائلات البدوية المقيمة في الصحراء للاقامة في الحضر البالغ عدد سكانها سبعة آلاف نسمة بسبب نقص المياه التي تحتاجها مواشيهم. وقال مهدي: «كنا نحصل على مساعدات حكومية للرعاة إبان النظام السابق، لكن هذا الامر توقف. وليس لدينا ثروة كافية، وبالتالي فإن الحصول على مساعدة للمزارعين ومربي الاغنام تشكل اولوية». وبعد الاستماع الى ما قاله رئيس البلدية، قامت مفرزة من السرية بتوزيع اربعة آلاف كيس من علف الماشية لأكثر مربي الاغنام تضررا في المنطقة. من جهته، قال اللفتنانت جوشوا سفارتسفيل الذي وصل العراق للمرة الاولى ان «القيام بمثل هذه الاعمال لم يخطر لي مطلقا». واضاف: «لكن هذه طبيعة الاعمال الخاصة بمحاربة التمرد».