مذيعة مصرية نالت أخيراً اهتمام الجمهور المتابع للمشهد المصري بعين الإعلام الذي يرى فيه وسيلة للنجدة، في وقت تعاني مصر من فوضى وفق المتابعين للمشهد الداخلي. استدعاؤها من القضاء العسكري على هامش الإساءة الى الجيش الذي يدير البلاد في إحدى حلقات برنامجها «بلدنا بالمصري»، أثار تخوفاً من قمع الحريات ومستقبل الإعلام المصري بعد الثورة. إنها ريم ماجد مذيعة «أون تي في» الفضائية التي استُدعيت مع ثلاثة من ضيوفها لأخذ أقوالهم بسبب ما أثير في إحدى حلقاتها من «تورط الشرطة العسكرية في بعض الانتهاكات الموثقة ضد المدنيين»، كما أعلن ضيفها الناشط السياسي حسام الحملاوي، في وقت دعت حركة «شباب 6 أبريل» وعدد من النشطاء السياسيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى وقفة تضامنية أمام النيابة العسكرية عند استدعائها، مطالبين بحرية الإعلام وعدم قمع الصحافيين. عن استدعائها للمثول امام القضاء العسكري، تقول ريم ماجد ل «الحياة»: «تفاجأت باتصال هاتفي بعد أيام من الحلقة التي استضفت فيها بعض النشطاء السياسيين، يطلب استدعائي الى مجمع المحاكم العسكرية بصفتي شاهدة، وتبليغ حسام الحملاوي، الناشط وأحد ضيوف الحلقة، باستدعائه أيضاً، لكنني رفضت تبليغه، لأنني لا أملك صفة لذلك. ولا انكر انني سُعدت كثيراً بتجمع كثر عند باب المجمع وعشرات المحامين الذين أتوا للدفاع عن الحضور تطوعاً». وتضيف: «لم أشارك في الحديث إلا في ما يخص طريقة التواصل بين الإعلام والمجلس العسكري في المرحلة المقبلة باعتبار أننا نمثل همزة تواصل بين الطرفين، والطريقة التي اسُتدعينا بها على رغم تناولنا الشاي والقهوة، تُحتم وجود متحدث رسمي عسكري باسم المجلس». وفي شأن تغطية الإعلام المصري لهذه الواقعة والمشادّة الكلامية على الهواء مع رؤساء تحرير إحدى الصحف التي نشرت خبراً عن التحقيق معها، توضح ريم: «للأسف أغضبتني كيفية تعامل الإعلام مع الواقعة الى درجة أن غالبية صفحات الطبعة الأولى لكثير من الصحف ذكرت كلاماً يبتعد من الحقيقة كثيراً عن الطبعة الثانية التي بدت أقرب من ذكر الرواية كما هي. لن أردّ على الأخبار التي جردتني من الحيادية ووصفتني بالمضللة الإعلامية، كما أنني لا أعلم هل أرسلت الرواية الباطلة في شكل رسمي أم انهم ينقلون عن بعضهم بعضاً؟». وترى ماجد أن كثراً لا يثقون بتعامل الإعلام مع القضايا الراهنة، «فتحريض الإعلام الرسمي قبل سقوط النظام ضد المتظاهرين وتضليل الرأي العام وتحميل المعتصمين عبء الدفاع عن أنفسهم أمام أهلهم لن تنتهي ذيوله بسهولة. ثم ان الجمهور الذي صدق الإعلام واكتشف بعد ذلك مدى تضليل القائمين عليه إبان الثورة لن يعود ويثق به مجدداً». وتدعو ماجد إلى تطهير الإعلام المصري من الرموز المحسوبة على النظام السابق، مستنكرة دعوات العفو عنهم بحجة الضغوط التي تعرضوا لها آنذاك، مؤكدة أن هناك من تقدم باستقالته اعتراضاً على طريقة التغطية وتضليل الرأي العام قبل سقوط مبارك. وتتابع: «أما الإعلام الخاص فقصة أخرى. لدينا تركة كبيرة من التشوهات المهنية والأخلاقية تتفاوت نسبياً بين من كان يعمل لحساب النظام السابق والصامت والمعارض. أعتقد أن المعارض سيتعافى في وقت بسيط من هذه التشوهات على عكس الذي صفق لنظام مبارك، وهؤلاء يجب ألا نراهم أبداً بعد الثورة، وعليهم أن يبحثوا عن عمل آخر بدلاً من المهنة التي أذلوها في التضليل والكذب». وعن مدى رضاها عن تغطيتها للثورة المصرية، تشير الإعلامية الثائرة الى أنها لم تشارك كثيراً في التغطية لانشغالها بمشاركة المعتصمين في الميدان، موضحة أنها في موقعة الجمل استدعت فريق عمل القناة لاتخاذ قرار بنقل الحقائق كما هي من دون الالتفات الى العواقب المترتبة على ذلك. وفي ما يتعلق بتعامل الإعلام الخارجي مع ثورة 25 يناير، تقول ماجد: «لم أتابع التغطيات كثيراً لانشغالي بالتظاهرات في الميدان. في شكل عام أعتقد أن الانتقاد الموجّه الى بعض الفضائيات بتسليطها الضوء على الأوضاع الداخلية للبلاد وتغافلها عن أوضاع دولتها الداخلية ليس جديداً. ولا أنفي أن «الجزيرة» و «العربية» ساهمتا بسبق كبير في التغطية، لكنني أميل أكثر إلى قناة «العربية» في تغطيتها أكثر من غيرها، كما أنني رأيت ان «الجزيرة» تبالغ أحياناً في ذكر أعداد المتظاهرين». وهل هناك حياد وموضوعية في العمل الإعلامي في شكل مطلق، تجيب: «لا أعتقد أن الموضوعية والحيادية مطلقة، هناك مهنية وحياد نسبي وشعور بالمسؤولية. وأرى أن الإعلامي المهني الذي لا يتحمل مسؤوليته أخطر بكثير عن غير المهني لأنه يوظف إمكاناته ومواهبه لخدمة أهداف خاصة على حساب المهنية، والمهم ألا نتخلى عن التوازن». وعن الدور الواقع على عاتق الإعلام المصري تجاه مصر، ترد: «أرى أن الإعلام يواجه مشكلة السبق في الحصول على المعلومة وسط تتابع الأحداث السريع. يجب أن يلتزم الإعلام بالسرعة مع الدقة في نقل المعلومة حتى يتحقق عامل الثقة للطرفين في هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها مصر. أيضاً يلقى على عاتق الإعلام في وقت يعاني فيه المجتمع من فوضى أن يلتزم دور تنوير المجتمع ومساعدة البسطاء على فهم معنى الليبرالية والعلمانية والإخوان، لا دفعه إلى أحدهم». وتستبعد ماجد تسبب حلقة أحمد شفيق في الإطاحة به من رئاسة الوزراء، مشيرة إلى أن الحلقة ربما ساهمت في ذلك، بخاصة أن الإطاحة بشفيق كانت مطلب غالبية الشارع المصري، مؤكدة أن الحلقة قدمت نموذجاً غير معتاد في مصر، وهو مقابلة رئيس وزراء بمعارضيه على الهواء. وتنفي ماجد استعدادها للانضمام إلى العمل السياسي أو إدارة أي من حملات مرشحي الرئاسة أو الإفصاح عن رأيها في المرشحين للرئاسة في هذا التوقيت، فيما ترحب بتأييدها مبدأ ترشح امرأة لرئاسة مصر في المرحلة المقبلة.