دعا الأمين العام السابق لوزارة العمل في الأردن حمادة ابو نجمة، إلى ضرورة «مراجعة الحد الأدنى للأجور»، مشيراً إلى أن قرار الحد الأدنى للأجور الصادر عن مجلس الوزراء في شباط (فبراير) عام 2017، نص على أن مراجعة القرار من اللجنة الثلاثية مع بداية كل عام، لتحديد أي زيادة على الحد الأدنى للأجور». وقال في حديث إلى «الحياة»، إن «المادة 52 من قانون العمل توجب الأخذ في الاعتبار مؤشرات تكاليف المعيشة في وضع الحد الأدنى للأجور، وفي ضوء الزيادات المسجلة على هذه التكاليف منذ صدور قرار الحد الأدنى للأجور، بات ضرورياً مراجعته وإقرار مستوى جديد، يتلاءم مع واقع الأسعار وتكاليف المعيشة ومعدل تآكل الرقم القياسي للأجور، والتغيير في معدل التضخم خلال السنوات الأخيرة»، من دون إغفال «ضعف النمو الاقتصادي في مقابل النمو السكاني الكبير، وارتفاع معدل البطالة البالغ 18.5 في المئة وهو الأعلى منذ الأزمة المالية التي شهدتها المملكة في نهاية الثمانيات، وانخفاض معدل المشاركة الاقتصادية، وهي من أدنى المستويات في العالم وارتفاع معدل الفقر». وأوضح أن بيانات دائرة الإحصاءات العامة لعام 2010، أفادت بأن «معدل الفقر يبلغ 14.4 في المئة، فيما يُعتبر 18.6 في المئة من السكان «فقراء عابرين» أي يختبرون الفقر لفترة 3 أشهر في السنة أو أكثر». ولفت أبو نجمة إلى أن البنك الدولي، ذكر أن ثلث السكان معرضون للوقوع ضمن خط الفقر، بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل في شكل كبير، مع احتمال تجاوز معدل الفقر نسبة 20 في المئة، نتيجة الزيادة في تكاليف المعيشة، والمتمثلة بالمشتقات النفطية وأجرة النقل والعلاج وإيجارات الشقق والضرائب على سلع وخدمات كثيرة». وأوضح أن «خط الفقر العام (المطلق) للفرد بلغ 814 ديناراً سنوياً أي ما يعادل 68 ديناراً في الشهر، بحسب بيانات عام 2010. واستناداً إلى نتائح المسوحات الأخيرة لدائرة الاحصاءات العامة، بلغ معدل الإعالة في الاقتصاد الأردني (4.1) أشخاص، وعليه فإن قيمة الإعالة المطلوبة لأربعة أشخاص يعادل 272 ديناراً شهرياً، حتى تصل الأسرة إلى خط الفقر المطلق». وعرض أبو نجمة مؤشرات اقتصادية، معلناً أن الاقتصاد «سجل في الفترة الأخيرة تراجعاً في مجالات كثيرة ما أثّر في الأجور مباشرة والقدرة الشرائية للعاملين في القطاعين العام والخاص، إذ تدنى الناتج المحلي الإجمالي من 8.6 في المئة عام 2013 إلى 3.0 في المئة عام 2016. كما هبط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 2958 في عام 2012 إلى 2801 عام 2016، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية من 1546.7 مليون عام 2014 إلى 1092.6 مليون عام 2016، والصادرات الوطنية بمعدل 8.9 في المئة عن عام 2015. وزادت خسائر الشركات بنسبة 3.6 في المئة عام 2017 عن عام 2016، وتقلّصت رؤوس أموال الشركات بنسبة 20 في المئة، من 158.9 مليون دينار عام 2015 إلى 127.4 مليون دينار عام 2016، بسبب ارتفاع كلفة الكهرباء والضرائب والمواد الأولية وتدني القوة الشرائية، ما أدى إلى تسريح أعداد كبيرة من العمال». وقال: «يتطلب ذلك اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم الصناعات المحلية وحمايتها من منافسة المنتَج الأجنبي وتعزيز قدرتها على المنافسة في الأسواق الخارجية، ورفع القدرة الشرائية للمواطنين بما يدعم حركة السوق المحلية ويزيد معدل الاستهلاك». وشدد أبو نجمة على أن «رفع الحد الأدنى للأجور سيساهم في حماية الفئات العمالية الضعيفة ومساعدتهم على اكتساب مستوى معيشة أفضل، والحد من الفقر وإعادة توزيع الدخل في شكل عادل ومنصف، وزيادة الدخل المتاح وبالتالي الاستهلاك وتنشيط الاقتصاد، وكذلك رفع معدلات النمو والحد من البطالة، وتشجيع اليد العاملة المحلية على الإقبال على فرص العمل المتوافرة». ولم يغفل ضرورة «تطوير إجراءات تنظيم اليد العاملة الوافدة وتوجيهها نحو حاجات السوق الفعلية، لمساعدة أصحاب العمل على تغطية حاجتهم من العمال، وديمومة الإنتاج لتعزيز فعالية زيادة الحد الأدنى للأجور، وتنفيذ برامج تدريب وتشغيل مدروسة بمشاركة حقيقية من القطاع الخاص، لإحلال اليد العاملة المحلية مكان تلك الوافدة». ورأى أن «استثناء اليد العاملة الوافدة من قرارات الحد الأدنى للأجور السابقة واعتبار الحد الأدنى الساري بحقهم هو الذي تقرر عام 2008 والبالغ 150 ديناراً فقط، أّثر كثيراً على سمعة الأردن على صعيد حقوق الإنسان وأثار حفيظة المنظمات الدولية الدولية، وتحديداً منظمة العمل الدولية». إذ يشكل هذا الاستثناء «تمييزاً صريحاً يخالف المعايير الدولية». كما انعكس «انخفاض معدل أجور العمال الوافدين في بعض القطاعات في شكل لافت، على فرص عمل الأردنيين نظراً إلى تفضيل بعض أصحاب العمل استخدام العامل الوافد لأن أجره متدنٍ».