قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان الانتخابات النيابية «أصبحت وراءنا وأن الفرصة مواتية امام الجميع لتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون اسماً على مسمى»، داعياً الى الإفادة من الظروف العربية والدولية وتوظيفها للنهوض بلبنان من خلال الالتفات الى هموم المواطنين وشجونهم وإيجاد الحلول للمشكلات التي ما زالت عالقة منذ سنوات. جاء كلام بري في حديث الى «الحياة» في دارته في المصيلح في جنوب لبنان وقبل استقباله السبت الماضي الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الذي نقل إليه ارتياح الاتحاد الأوروبي الى الأجواء الهادئة التي رافقت إجراء الانتخابات النيابية في 7 حزيران (يونيو) الجاري. وقال بري ان الانتخابات النيابية أُجريت، خلافاً لما كان يتخوف منه البعض، في أجواء هادئة، وهي وضعت لبنان امام مرحلة سياسية جديدة «تستدعي منا الانفتاح بعضنا على بعض واتباع خطاب الاعتدال الذي لا غنى عنه، باعتباره الطريق المؤدي الى الحوار. وذكّر بري بأنه دعا فور إعلان نتائج الانتخابات النيابية الى طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة باعتبار ان لبنان انتصر على رهانات الفوضى والفتنة وربح مرة جديدة وجوده وسمعته كبلد ديموقراطي، وأصبحت قوته في ديموقراطيته الى جانب مقاومته وتأكد الرهان على ان قوة لبنان هي في وحدته الوطنية. ورأى ان من غير الجائز العودة الى الوراء، وقال: «يجب التعامل مع نتائج الانتخابات على ان لبنان خرج منتصراً منها، وهذا ما يحثنا على التعاون والانفتاح من دون ان يكون لهذا الطرف أو ذاك مواقف مسبقة». وشدد بري على اهمية استكمال تطبيق اتفاق الطائف باعتباره الناظم الوحيد للعلاقات بين الأطراف اللبنانيين. وقال رداً على سؤال ان ما طبق من اتفاق الدوحة هو اكثر مما طبق من الطائف ويترتب علينا الآن الوصول الى قانون انتخاب جديد يعتمد النظام النسبي وتشكيل الهيئة الوطنية للشروع تدريجاً في إلغاء الطائفية السياسية. واعتبر ان جميع الأطراف مسؤولون عن إنجاح الفرصة المواتية لتشكيل حكومة وحدة وطنية وهي بمثابة السقف السياسي الذي يجب ان نتحرك تحته، محذراً من التفريط بهذه الفرصة الثمينة. الأجواء العربية والدولية وأبدى بري ارتياحه الى الأجواء العربية والإقليمية والدولية، داعياً الى توظيفها للإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية ومشدداً على ضرورة التوافق بين اللبنانيين بهذا الخصوص «لأن من الأفضل لنا ان نتفق لئلا يتدخل العرب في حال اختلفنا». ووصف بري الأجواء العربية والدولية بأنها أكثر من جيدة وقال ان الموقف السوري من تشكيل حكومة وحدة وطنية ممتاز وكذلك الموقف السعودي، وايضاً الموقف الإيراني والدولي. ورداً على سؤال، قال علينا ونحن ننفتح على بعضنا بعضاً لتشكيل حكومة الشراكة ان نصعد السلم من تحت الى فوق درجة درجة، منوهاً بما قاله رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري في هذا الشأن في الصرح البطريركي بعد مقابلته البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير. سياسة الخطوة خطوة وأضاف ان «علينا اتباع سياسة الخطوة خطوة للوصول الى تفاهم على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وقال ان «هذا يعني انتخاب رئيس المجلس النيابي اولاً بعد 20 حزيران المقبل الذي هو آخر يوم من ولاية البرلمان الحالي ومن ثم ننتخب أعضاء هيئة مكتب المجلس وأعضاء اللجان النيابية لنتفرغ بعدها الى تأليف الحكومة». وأكد انه ضد سياسة حرق المراحل، وأن التقيد بسلّم الأولويات أمر لا بد منه «وعندما نصل الى تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة بعد استشارات نيابية ملزمة يجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان يباشر الرئيس المكلف بإجراء المشاورات مع الكتل النيابية، ولهذا السبب لن أستبق كل هذه المراحل وأنأى بنفسي في الوقت الحاضر الدخول في سجال في شأن الحكومة». مع الحريري رئيساً للحكومة وأيد بري تسمية النائب الحريري رئيساً للحكومة العتيدة ورأى انه يجب ان يحظى تكليفه بإجماع النواب خصوصاً ان هذا الإجماع كان حظي به رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لدى تسميته رئيساً للحكومة الحالية. وأضاف: «عندما يعطى هذا الإجماع للحريري يحق ان نسأله عن كيفية تشكيل الحكومة انطلاقاً من حرصه على وحدة المجلس». وتابع: «استمعت الى ما قاله الحريري امام بكركي ورأيت فيه والده الرئيس الراحل رفيق الحريري، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية أصبح من المسلمات وأنا ما زلت عند كلامي». وسأل بري رداً على سؤال: «لماذا اتصل الرئيس السوري بشار الأسد فور انتهاء الانتخابات بخادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز؟» وقال: «بالنسبة إلي أرى الجواب في السؤال وعلى الآخرين ان يدركوا معنى هذا الاتصال، وكنت أشرت سابقاً الى التقارب السعودي - السوري وتأثيره الإيجابي على لبنان ولم أطلق في حينه هذا الكلام من باب التمنيات فحسب، وإنما بناء لمعلومات أكدت صحة ما كنت أدعو إليه، وبالتالي فالانفراج في العلاقة بين البلدين سينعكس ايجاباً على لبنان». وتوقف بري امام ما آلت إليه الاتصالات على صعيد تطبيع العلاقات العربية - العربية واعتبرها فأل خير على لبنان. وأوضح ان مع تسمية الحريري بالإجماع رئيساً للحكومة تبدأ المشاركة وتتوسع لاحقاً باتجاه إشراك الجميع في الحكومة. مشيراً الى استكمال تطبيق الطائف من دون استنسابية أو انتقائية وأنه آن الأوان لوضع قانون انتخاب عصري، «خصوصاً انني كنت ضد اعتماد قانون عام 1960 لكن ارتضيت به لمرة واحدة لتبديد الهواجس لدى المسيحيين». صلاحيات الرئيس وعن موقفه من مطالبة البعض بتعديل صلاحيات رئيس الجمهورية أجاب: «كنت قلت في السابق وأقول الآن ان لا شيء مقدساً في لبنان إلا القرآن والإنجيل وبالتالي لا مشكلة عندي بهذا الخصوص شرط ان يبحث هذا الأمر في إطار المؤسسات، وأظن ان استنئاف الحوار سيساعد كثيراً على النظر في كل ما هو مطروح بعيداً من المزايدة». ورداً على سؤال قال بري انه ضد الدعوة الى الحوار في الوقت الحاضر وقبل ولادة الحكومة الجديدة، التي سيكون رئيسها احد اركان طاولة الحوار. وبالنسبة الى تفاهمه مع رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط في ضوء ما يتردد من توافقهما من تحت الطاولة حول أمور عدة أكد بري انه كان وما زال في شراكة حقيقية مع جنبلاط لوأد الفتنة المذهبية والطائفية. وأضاف: «جاءت الانتخابات وحصل فيها ما حصل، لكن لا أنا اشتغلت معه تحت الطاولة، ولا هو كذلك لمصلحة احد النواب ممن افتقدناهم في المجلس النيابي الجديد واقصد به النائب أيمن شقير الذي أكن له كل تقدير واحترام وهو أثبت كفاءة عالية طوال فترة وجوده في البرلمان. وتابع: «ان علاقتي بجنبلاط ليست قائمة على مصالح انتخابية إنما من اجل مصلحة البلد، وهذا ما نتوخاه ولن نتوقف عن السعي من اجل التهدئة والتقريب في وجهات النظر، علماً ان جنبلاط كان يؤيد انتخاب النائب ناصر نصر الله الذي خسرناه أيضاً، إنما لم يصوت له». وسأل بري: «ألم يحن الوقت لمجيء النائب الحريري على رأس حكومة الوحدة الوطنية وهو يحظى حالياً بتأييد أكثرية نيابية له وإلى متى يجب عليه الانتظار؟». وأضاف: «أنا على تواصل دائم مع الحريري وعلاقتي به أكثر من جيدة». وقيل لبري: «هل انت من الذين يحتفظون بكلمة السر التي تدعو الى التفاؤل في تشكيل حكومة وحدة وطنية؟» فأجاب: «لا أحد يعرف السر في الطربوش إلا الكوى وأنا اشتغلت مثله في كي المواقف ولست نادماً على ما قلته في السابق وما أقوله اليوم وخطابي السياسي قبل الانتخابات وبعدها لم يتبدل، هذه هي قناعاتي». ورداً على سؤال قال بري ان لديه دعوة مفتوحة الى زيارة المملكة العربية السعودية وهي تدعم الآن الجهود لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وإذ تجنب بري الدخول في التفاصيل المتعلقة بهذه الحكومة أكد في المقابل ان «الفرصة مواتية وان كل المواقف العربية والخارجية ممتازة وما علينا إلا ان نحسن توظيفها في الاتجاه الصحيح وإلا نكون نطلب من العرب والآخرين التدخل مجدداً لمساعدتنا. علينا ان نساعد أنفسنا أولاً وهذا ما هو متاح لنا اليوم وربما في ظروف أفضل من السابق». وأكد بري انه مع إشراك رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في الحكومة لأن الإصرار على فتح صفحة جديدة يتطلب من الجميع التضحية من اجل لبنان، ورأى ان «من واجب الجميع التعاون لنأتي بحكومة جديدة على قياس الوطن، وتستجيب لهموم ابنائه وتسعى الى تحقيق الشراكة لننطلق ببلدنا اقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً».