انتخاب سيب بلاتر لولاية رابعة في رئاسة «الفيفا» هو نذير سوء لكرة القدم العالمية وللديموقراطية. فصدقية انتخابات لا يتنافس فيها أكثر من مرشح واحد ضعيفة. وكان الأحرى بمنظمي الانتخابات إرجاؤها، والمبادرة الى تقويم تهم الفساد، وتنظيم الانتخابات بعد تبديد شكوك الفساد. والحق أن «الفيفا» في أزمة هي الأقسى في تاريخه. فسير عملها يشبه نظيره في الأنظمة الديكتاتورية. ورئيسها هو بمثابة قائد لا يرحم. والجمهور يستحق أن يلتزم القائمون على الفيفا سياسات «شفافة» وعلنية والصدوع بمعايير ناظمة لتفادي الفساد والرّشى. حري ببلاتر انتهاج سياسة فعالة لمكافحة الفساد لإظهار أن خطابه ليس شكلياً فقط، والعمل بوحي القانون الأميركي الذي ينظم عمل الشركات الكبيرة في الولاياتالمتحدة. وتوسيع مروحة المقترعين على منح حق تنظيم كأس العالم هو إجراء في محله. ولكنه غير كاف. وعلى سبيل المثل، يجب التدقيق في الترشيحات الى تنظيم كأس العالم في 2022، كل (ترشيح) على حدة. وإذا تبين أن قطر ارتكبت أخطاء، فيجب طرح مسألة اختيار الدولة المضيفة لكأس العالم على الاقتراع من جديد. وعلى رغم أن بلاتر في الخامسة والسبعين من العمر، وهو تخطى سن التقاعد، فليس سن رئيس الفيفا مهمةً. ويفترض أن يحدد عدد ولايات رئيس «الفيفا» بولايتين. وفي العقود الماضية لم يتداول أكثر من شخصين رئاسة «الفيفا». وثمة فائدة من تداول السلطة وتغيير الرؤساء. فتداول السلطة يرسخ المؤسسات. لقد اضطررت الى عدم إعلان ترشيحي جراء عدم دعم أي اتحاد وطني من أعضاء «الفيفا» ترشيحي. فاقتصر السباق في النهاية على المرشحين القطري محمد بن همام، رئيس الاتحاد الآسيوي، وسيب بلاتر. ولم يقبل سوى ترشيح بلاتر. فبقي وحده في الميدان. وهذا دليل على فساد نظام «الفيفا». واتصلتُ ب150 اتحاداً، ولكن أحداً منها لم يدعم ترشيحي مخافة إجراءات تقتص منه. فنفوذ «الفيفا» كبير ولا يستهان به. ومعارضة بلد من البلدان «الفيفا» يعرضه لعقوبات مالية وللاستبعاد من تنظيم المناسبات الكبيرة، مثل كأس العالم. وبعض الدول تخشى أن تتعرض لعقوبات «الفيفا» إذا تدخلت في عمل هيئاتها الرياضية. وقال لي رئيس اتحاد دولة فازت بكأس العالم: «ندعم أفكارك، ولكن نخشى رداً سلبياً من بلاتر وبلاتيني». وابتعد الفرنسي ميشال بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي، من بلاتر، وأخذ مسافة منه. فبلاتيني ذائع الصيت في احترام معايير «الشفافية» والتزام الرقابة على الفساد. أحسب أن بلاتيني وبلاتر أبرما اتفاقاً يمهد لانتخاب الأول رئيساً ل «الفيفا» في 2015. * كبير مراسلي مجلة «سبورتس ايلوستريتد»، عن «لكسبريس» الفرنسية، 8/6/2011، إعداد منال نحاس