اعتبرت دراسة حديثة أن القطاع النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي في حاجة متزايدة للشراكات المحلية والأجنبية لتوطين التقنيات والمهارات فيها، حتى يصبح قادراً على إطلاق صناعات ملحقة جديدة تحفز استحداث وظائف طويلة الأمد، إلا أن ذلك يتطلب تغييراً جذرياً في طريقة تحكم الدول الخليجية في مصادرها من النفط والغاز وإدارتها لها، وذلك عن طريق تفعيل الحوكمة. وأوضحت الدراسة التي أصدرتها شركة «بوز أند كومباني للاستشارات الإدارية»، أن استحداث نشاط العمل في القطاع، ثم استحداث المزيد من الوظائف سيتطلب مشاركة متزايدة للقطاع الخاص، ومشاركة أجنبية في قطاع النفط والغاز، وهذا يضمن حصول تغيير في طريقة تحكم بلدان مجلس التعاون في القطاع وإدارة مواردها من النفط والغاز، الأمر الذي يشكل تغييراً يقرّ باستحقاق وجاذبية مشاركة القطاع الخاص والمشاركة الأجنبية مع حماية المصالح الوطنية لهذه البلدان. وقال المدير في بوز أند كومباني آشيش ساستري، إن بلدان مجلس التعاون الخليجي ستستمر على الأرجح في تحقيق عائدات ثابتة من قطاع النفط والغاز لبعض الوقت في المستقبل، «لكن نظراً إلى التطور السريع للقطاع وتشعبه أكثر، فهناك خطر في عدم الاستفادة من قيمة اجتماعية واقتصادية مهمة، فالعجز عن معالجة مشكلات القطاع وحوكمة الشركات بفاعلية في المستقبل القريب قد يعني أن الحالة الواعدة المهمة التي تظهرها بلدان مجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن قد لا تزدهر بطاقتها النهائية». وعددت الدراسة ثلاثة خيارات متاحة للجهات المعنية بالحوكمة على مستويات عدة تأخذ في اعتبارها عدداً من العوامل المختلفة، وأول الخيارات هو فصل الأدوار المطلوبة لتحقيق حوكمة وإدارة فاعلتين للقطاع، عبر إيجاد تعريف غير ملتبس لأدوار جميع الجهات المعنية في قطاع النفط والغاز ومسؤولياتها، فضلاً عن فصل واضح للمهام، لأن فصل أدوار صنع السياسة عن أدوار التنظيم والتشغيل يساعد في موازنة السيطرة القوية للدولة على الموارد الوطنية، مع توفير الشفافية والإشراف والأمن لاستقطاب المشاركين من القطاع الخاص. وثانيها إيجاد مجالس إدارة قوية ومستقلة لإدارة شركات النفط الوطنية والإشراف عليها، إذ تعتمد حكومات مجلس التعاون الخليجي بصفتها صاحبة الأسهم في شركات النفط الوطنية المزيد من النماذج البديلة المتعددة للإشراف على إدارتها، من خلال وزارة أو مجلس أعلى أو مجلس إدارة. وأشارت الدراسة إلى أن الخيار الثالث هو خلق دور استراتيجي أو فاعل لشركات النفط الوطنية في إدارة وحدات عملها وشركاتها التابعة، وهو أمر يجعل إمكان شركات النفط الوطنية تأدية دور أكبر في إدارة شركاتها التابعة العاملة في مجال النفط والغاز، والإشراف على الأداء وضمان التلاؤم في مسائل مثل التوجهات الاستراتيجية للشركات التابعة وأهدافها وتوزيع رأس المال، بهدف تعظيم القيمة بصورة أفضل عبر سلسلة قيمة النفط والغاز.