حقّق قطاع النفط والغاز في مجلس التعاون الخليجي نمواً كبيراً خلال العقود الثلاثة الماضية، ما جعل المنطقة مساهماً مهماً في سوق النفط والغاز العالمية، وتملك حكومات المنطقة حالياً فرصة للانتفاع من هذه القوة، لتنويع اقتصاداتها وزيادة الناتج المحلي وتلبية متطلبات اليد العاملة والمساهمة في الرفاه الاجتماعي لشعوبها. وعلى رغم اعتبار قطاع النفط والغاز في المنطقة المساهم الأكبر في الناتج المحلي لبلدان مجلس التعاون الخليجي، غير أن نائب الرئيس في «مؤسسة بوز أند كومباني» العالمية رائد قمبرجي، أكد أن القطاع «يمرّ حالياً في المراحل الأولى لما يعرف بالعصر الذهبي، وهي مرحلة في مسار تطور القطاع ازدادت فيها أهميته الاستراتيجية في الاقتصادات الوطنية بدرجة أكبر بكثير من أي قطاع آخر». وشدد على أن القطاع بات أكثر تشعباً مع شمول نشاطات شركات النفط الوطنية جوانب سلسلة القيمة كالتنقيب والاستخراج، والتكرير والبيع والتوزيع، والصناعات البتروكيماوية، وخدمات النفط والغاز، والعمليات الدولية، وحتى نشاطات بناء الهوية الوطنية من خلال قوة الدولة. وفي ضوء هذه النشاطات، بات القطاع يحتاج في شكل متزايد إلى الشراكات المحلية والأجنبية للحصول على التكنولوجيا والمهارات والقدرات. وقال قمبرجي، أن في حال تمكنت بلدان مجلس التعاون الخليجي من الاستفادة من هذا العصر الذهبي واستخدامه بطاقته الكاملة، فسيبلغ قطاع النفط والغاز فيها مرحلة نضوج كافية لإيجاد قطاعات متفرعة وشركات وطنية رائدة، واستحداث الوظائف، وتسهيل التنويع الاقتصادي. وأعلن أن القطاع بلغ مرحلة في تطوره تجعله قادراً على إطلاق صناعات ملحقة جديدة لتشجيع استحداث الوظائف الطويلة الأمد، غير أن إحداث نشاط العمل الجديد هذا يتطلب تغييراً جذرياً في طريقة تحكم بلدان مجلس التعاون الخليجي بمصادرها من النفط والغاز وإدارتها لها. غير أن استحداث نشاط العمل الجديد هذا وتالياً استحداث مزيد من الوظائف، سيتطلب مشاركة متزايدة للقطاع الخاص ومشاركة أجنبية في قطاع النفط والغاز. وهذا في رأيه، يضمن حصول تغيير في طريقة تحكم بلدان مجلس التعاون الخليجي في القطاع وإدارة مواردها من النفط والغاز، وهو تغيير يقر باستحقاق وجاذبية مشاركة القطاع الخاص والمشاركة الأجنبية مع حماية المصالح الوطنية لهذه البلدان. ونظراً إلى مستوى النضوج الذي بلغه القطاع في مجلس التعاون الخليجي، أشار المسؤول في «بوز أند كومباني»، الى أن الوقت مناسب للحكومات وشركات النفط الوطنية للتفكير ملياً في هذا الأمر وإعادة تحديد المسار المستقبلي، على اعتبار أن التحول الناجح لحوكمة قطاع النفط والغاز من شأنه الاعتماد على إطار حوكمة شامل. ولفت الخبير في قطاع النفط آشيش ساستري، الى أن «بلدان مجلس التعاون الخليجي التي تحافظ على مقاربة «العمل كالمعتاد» ستستمر على الأرجح في تحقيق عائدات ثابتة من قطاع النفط والغاز لبعض الوقت في المستقبل. لكن نظراً إلى التطور السريع للقطاع وتشعبه أكثر، أعلن وجود خطر في عدم الاستفادة من قيمة اجتماعية واقتصادية مهمة، فالعجز عن معالجة مشاكل القطاع وحوكمة الشركات بفاعلية في المستقبل القريب، ربما يعني أن الحال الواعدة المهمة التي تظهرها بلدان مجلس التعاون الخليجي حالياً، قد لا تزدهر بطاقتها النهائية. وسيساهم اتخاذ الخطوات الأولى في تحويل نموذج حوكمة القطاع الآن في ضمان عدم فقدان هذه الفرص وتحكم المنطقة في شكل أفضل في مستقبلها.