أدى اضطراب الوضع الأمني في الجنوب الليبي إلى استنفار عسكري وأمني مصري على الحدود الغربية الممتدة على 1200 كيلومتر. وسجل تشديد للإجراءات لا سابق له في المنطقة، خصوصاً مع إطلاق العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018»، التي تمتد إلى الظهير الصحراوي الغربي حتى خط الحدود الدولية. وأبلغ مسؤول أمني مصري بارز «الحياة» بأن الاضطراب الأمني في جنوب ليبيا الذي تفاقم في الأيام الأخيرة، زاد من الضغط على القوات المصرية على خط الحدود الدولية، خصوصاً أن هذا الاضطراب تزامن مع «عودة لافتة» لنشاط تنظيم «داعش» الإرهابي في الأراضي الليبية، ما يؤكد صحة توقعات أمنية بأن عناصر التنظيم تمهد لحركة عبر الحدود، بهدف الانتقال من معاقله الرئيسة في سورية والعراق إلى الصحراء الجنوبية لليبيا، وبعض «البؤر الرخوة» في أفريقيا. يأتي ذلك بعد كشف رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد مشاركة 15 كتيبة برية تضم 5175 مقاتلاً و150 مركبة في تأمين المنطقة الغربية، إضافة إلى أعداد أخرى من القوات الجوية والبحرية والدفاع الجوي، وأجهزة الشرطة. ولفت المسؤول المصري إلى رصد معلومات عن توجيهات من «داعش» إلى العناصر الأجنبية الراغبة في الانضمام إليه بالتوجه إلى ليبيا في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن أجهزة جمع المعلومات رصدت مسارات جديدة للتسلل عبر الحدود الغربية لم تكن معروفة من قبل. وأوضح أن مسارات التهريب كانت محصورة في 3 طرق، أولها من الجهة الشمالية بين منطقتي أمساعد في ليبيا ومدينة السلوم المصرية، والثانية في المنطقة الوسطى من الحدود، وتمتد من واحة الجغبوب الليبية وتحديداً من جنوبها في اتجاه الخارجة في الوادي الجديد في مصر، والمسار الثالث جنوب الحدود الغربية عند جبل العوينات بين مصر وليبيا والسودان. ويسعى المتطرفون إلى التسلل من مسارات جديدة من الجهة الجنوبية للحدود الغربية ومن منافذ لم تكن معروفة من قبل في المنطقة الوسطى من الحدود، لكن كل تلك المسارات تسعى القوات إلى مراقبتها على مدار الساعة لمنع تسلل أي مقاتلين أو متطرفين عبرها. وأكد المصدر أن «أطرافاً خارجية تمد الجماعات المتطرفة في ليبيا بالسلاح ما يزيد حدة التوتر». واندلعت في مدينة سبها في جنوب ليبيا قبل أيام مواجهات دامية بين قوات عسكرية موالية لحكومة «الوفاق الوطني» في طرابلس، ومسلحين من قبيلة موالية للمشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني» المسيطر على شرق ليبيا. وأمر حفتر بتعيين قائد جديد ل «اللواء السادس مشاة» المتمركز في ليبيا، لكن قائد اللواء رفض تسليم القيادة وأعلن تبعيته لوزارة الدفاع في طرابلس، ما خلط الأوراق في تلك المنطقة وزاد من تعقيد الوضع الأمني فيها، خصوصاً في ظل معلومات عن دفع تعزيزات عسكرية من السلطتين المتنازعتين في شرق ليبيا وغربها، في مسعى من كل منهما لحسم المعركة في سبها لمصلحتها، لما تُشكله المدينة من أهمية استراتيجية في ليبيا، كونها حلقة الوصل بين شمال البلاد وجنوبها. تزامن ذلك مع إعلان «داعش» بدء «حرب استنزاف» جديدة في ليبيا ضد حكومتي الشرق والغرب. وأورد التنظيم، في بيان نُشر في العدد الأخير من مجلة «النبأ» الناطقة باسمه، أن «جنود الدولة الإسلامية عادوا ليضربوا بقوة في مناطق ليبيا، وبدأوا حرب استنزاف جديدة ضد ميليشيات حفتر وحكومة الوفاق». وعدد التنظيم هجمات أعلن أن مسلحيه شنوها في شرق ليبيا وغربها خلال الأسابيع الماضية. وقال إن «العمليات لن تتوقف حتى تعود ليبيا إلى حكم الشريعة». وناقش وزير الخارجية المصري سامح شكري مع مسؤولين دوليين التقاهم في بروكسيل وجنيف وميونيخ الشهر الماضي، سبل ضمان منع انتقال مسلحي «داعش» من معاقله في سورية والعراق إلى بؤر جديدة في ليبيا وسيناء ومناطق في أفريقيا.