أعلنت روسيا أن «العملية الشاملة» في غوطة دمشقالشرقية المحاصرة «باتت ضرورية ولا مفرّ منها»، وذلك في اليوم الرابع من «هدنة الساعات الخمس» التي اقترحتها موسكو يومياً في المنطقة بهدف إجلاء مدنيين راغبين في المغادرة أو دخول مساعدات إنسانية عاجلة، من دون أن يُسجّل أي تقدّم على المستويين حتى الساعة. أتى ذلك قبل ساعات من عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، جلسة طارئة للبحث في مشروع قرار قدمته بريطانيا، يطالب بتطبيق قرار مجلس الأمن حول وقف النار، لإتاحة المجال أمام إدخال المساعدات وإجلاء المرضى. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في مؤتمر صحافي في موسكو أمس، إن بلادها «لن تعيق السلطات السورية عن محاربة الإرهابيين». وأشارت إلى أن «قصف العاصمة السورية يستمرّ دورياً، وهذه الاستفزازات من جانب التشكيلات المسلّحة جعلت العملية الشاملة على الأرض لمكافحة الإرهاب ضرورية ولا مفرّ منها. وهي مدعومة من الجو من جانب سلاح الجو السوري والقوات الجوية الروسية». وأكدت زاخاروفا وفق ما نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية «استمرار سعي روسيا إلى تطبيق القرار الدولي في شأن الهدنة»، لكنها أشارت إلى أن موسكو «لن تمنع السلطات السورية عن مكافحة الإرهاب»، مضيفة: «لا يجب التعويل على أننا سنعيق السلطات السورية في مكافحتها الإرهابيين». وفيما تراجعت وتيرة القصف الجوي والمدفعي على الغوطة خلال الأيام الماضية، من دون أن يتوقف في شكل كامل، حققت القوات النظامية السورية تقدّماً ميدانياً على مشارفها، في هجوم بري استمر على رغم «الهدنة». وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن أمس، إن القوات النظامية سيطرت على قريتي حوش زريقة وحوش الضواهرة في منطق المرج على المشارف الشرقية والجنوبية الشرقية من الجيب الذي تسيطر عليه المعارضة. وأوضح «المرصد» أن القوات النظامية استهدفت مناطق في الغوطة الشرقية خلال ساعات «الهدنة» أمس، مشيراً إلى أن 12 صاروخاً على الأقل استهدف أطراف مدينتي دوما وحرستا والمزارع الواقعة بينهما. وفي واحدة من أشد المعارك التي شهدتها سورية منذ سبع سنوات، قُتل مئات الأشخاص خلال 12 يوماً من قصف الغوطة الشرقية. وأصدر مجلس الأمن قراراً السبت يدعو إلى وقف النار في جميع أنحاء البلاد لمدة 30 يوماً. لكن هذا الإجراء لم يُطبّق، إذ تقول موسكوودمشق إنهما تقاتلان عناصر «جماعات إرهابية» مستبعدة من الهدنة. وتحت ضغط دولي، دعت روسيا، أقوى حليف للرئيس بشار الأسد، إلى وقف النار يومياً من الساعة التاسعة صباحاً إلى الساعة الثانية بعد الظهر بهدف السماح للمدنيين بمغادرة الجيب المحاصر ودخول المساعدات. لكن المنظمات الإنسانية أكّدت «استحالة» إدخال مساعدات إنسانية خلال 5 ساعات، فيما لم يُسجل خروج أي مدني سوري من المنطقة حتى الساعة. وينتشر جنود روس إضافة إلى قوات نظامية سورية عند معبر الوافدين، الذي حددته موسكو مخرجاً للراغبين في المغادرة. ووصفت وزارة الخارجية الأميركية «الهدنة الروسية» بأنها «مزحة». وقالت الناطقة هيذر ناورت أول من أمس، إن «الفكرة التي تطالب بها روسيا في شأن ما يسمى بممر إنساني هي بكل وضوح مجرد مزحة»، موضحة أن السكان يخشون من استخدام هذه الممرات «لأنه قد يتم تجنديهم» في القوات النظامية «أو لا يعودون لديارهم أبداً أو يقتلون». وبناء على طلب من بريطانيا، عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف جلسة نقاش عاجلة أمس، حول الوضع المتدهور في الغوطة الشرقية. وطرح الوفد البريطاني مشروع قرار على التصويت أمام الدول ال47 الممثلة حالياً في المجلس بموجب ولاية من ثلاث سنوات، علماً أن روسيا حليفة النظام السوري ليست بينها. وتطالب الوثيقة البريطانية بتطبيق قرار وقف النار الذي أقره مجلس الأمن، كما يدعو مجلس حقوق الإنسان ومفوضية التحقيق الدولي المستقل حول سورية إلى «فتح تحقيق شامل ومستقل بشكل طارئ حول الأحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية».