لم تنجح هدنة الساعات الخمس في غوطة دمشقالشرقية في إجلاء أي مدنيين من المنطقة في اليوم الثالث من بدء وقف النار اليومي، الذي أعلنته روسيا الثلثاء إفساحاً في المجال أمام المدنيين الراغبين في المغادرة من خلال معبر مخيّم الوافدين شمال شرقي دمشق. وجدّدت روسيا اتهام فصائل المعارضة بقصف ممر الإجلاء ومنع المدنيين من الخروج. وشوهد عند المعبر ضباط وجنود روس متواجدين مع عناصر من القوات النظامية السورية. كما حضر متطوعو الهلال الأحمر العربي السوري مع سيارتي إسعاف. وعند نقطة للجيش، عُلّقت على أحد الجدران صورة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى جانب صورة الرئيس السوري بشار الأسد. وبدا المعبر خالياً تماماً من أي حركة للمدنيين، في وقت لم يسمع دوي قذائف أو قصف من المنطقة المحاصرة في الغوطة. وأكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن عدم خروج مدنيين عبر معبر الوافدين منذ بدء تطبيق الهدنة الروسية الثلثاء، باستثناء مواطنين باكستانيين خرجا أول من أمس، بموجب مفاوضات منفصلة تولتها السفارة الباكستانية في دمشق. وألقت وزارة الدفاع الروسية اللوم على فصائل المعارضة وجدّدت اتهامها لهم باستهداف المعبر بقذائف الهاون. وقال الجنرال فلاديمير زولوتوخين ممثل «المركز الروسي للمصالحة في سورية» التابع لوزارة الدفاع إن الهدنة الإنسانية الثالثة سارية المفعول اعتباراً من الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت دمشق، إلا أن المسلحين يواصلون قصف معبر الوافدين بقذائف الهاون. ولفت إلى أن أهالي الغوطة «يتواصلون بصورة جماعية مع منظمات حقوقية»، طالبين المساعدة في الخروج من المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين، مضيفاً: «تفيد المعلومات بأن اليوم الماضي، شهد تضاعف عدد دعوات الاستغاثة التي يوجهها سكان الغوطة الشرقية إلى المدافعين عن حقوق الإنسان، طالبين مساعدتهم في مغادرة المناطق التي يسيطر عليها المسلحون». وكان مصدر عسكري سوري قال في وقت سابق إن «الهدنة لثلاثة أيام قابلة للتمديد في حال خروج المدنيين (...) ولكن إن لم تكن هناك نتائج كيف يمكننا الاستمرار؟». ولم يصدر أي تعليق رسمي روسي أو سوري بهذا الصدد. وقبل دخول الهدنة حيز التنفيذ عند التاسعة بتوقيت دمشق صباح أمس، قتل سبعة مدنيين على الأقل بغارات شنتها قوات النظام واستهدفت مناطق عدة بينها دوما وكفربطنا. ووفقاً ل»المرصد» فإن «بعد سريان الهدنة، شهدت بلدات الغوطة هدوءاً نسبياً مع توقف الغارات»، تزامناً مع استمرار معارك عنيفة بين قوات النظام وفصيل «جيش الإسلام»، أبرز فصائل الغوطة الشرقية في منطقة المرج. وتمكنت قوات النظام السوري، وفقاً ل «المرصد» من السيطرة على بلدة حوش الظواهرة وكتيبة للدفاع الجوي في منطقة المرج، في وقت تدور معارك عنيفة في محيط بلدة الشيفونية. وتستهدف البلدة منذ أيام بغارات كثيفة وقصف بالبراميل المتفجرة والمدفعية، تسبب بدمار معظم أحياء المدينة. وقال سراج محمود الناطق باسم الدفاع المدني في ريف دمشق إن فرق الإنقاذ لم تتمكن من دخول البلدة إلا بعد يومين من ورود معلومات عن قصف صاروخي طاول أحد الأقبية التي احتمى داخلها سكان. وأضاف: «تقصف البلدة في شكل جنوني، ولا توجد فيها أي مقومات للحياة (...) باتت مدمرة بالكامل ومن بقي فيها لا يزال تحت الأنقاض». وأوضح أن «كل ما يتحرك يكون مستهدفاً في شكل دائم... وللأسف تواجه كوادر الدفاع المدني صعوبات كبيرة في انتشال جثث الشهداء من كافة المناطق التي يتم استهدافها». وعلى رغم استمرار الغارات إلا أن وتيرة القصف وكذلك حصيلة القتلى اليومية انخفضت في شكل ملحوظ منذ بدء تطبيق الهدنة التي أعلنتها موسكو بعد يومين من تبني مجلس الأمن بالإجماع قراراً يطلب وقفاً لإطلاق النار «من دون تأخير» في أنحاء سورية لمدة ثلاثين يوماً. وينص القرار على إدخال مساعدات إنسانية وإجلاء الجرحى والمرضى من المناطق المحاصرة. وأظهر تحليل صور أجرته وكالة تابعة للأمم المتحدة نُشر أمس، دماراً جديداً واسع النطاق في منطقة مساحتها 62.5 كيلومتر مربع من جيب الغوطة. وخلص التحليل إلى أن 29 في المئة من المنطقة، التي قسمت إلى مربعات من الأراضي، لحق به دمار جديد إذ دُمّرت المباني بشكل كامل أو لحقت به أضرار جسيمة، فيما لحقت أضرار محدودة بنحو 24 في المئة من المنطقة. وتعرضت الغوطة لقصف عنيف منذ 18 شباط (فبراير) الماضي، أودى بحياة اكثر من 600 مدني. وأعلنت روسيا غداة تبني مجلس الأمن السبت قراراً يطالب بوقف شامل للنار في سورية «من دون تأخير»، هدنة «إنسانية» يومية لخمس ساعات. ويُفتح خلال الهدنة التي بدأ تطبيقها الثلثاء «ممر إنساني» عند معبر الوافدين الواقع شمال شرقي مدينة دوما، لخروج المدنيين. إلا أنه لم يسجل خروج أي مدني خلال ثلاثة أيام. وتتهم السلطات السورية وموسكو الفصائل المعارضة بمنع المدنيين من المغادرة. وأوضح الناطق باسم الرئاسة التركية ابراهيم قالن إن التصريحات التي ألقاها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شأن إجلاء مدنيين من الغوطة بوساطة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تتعلق بعملية إجلاء قديمة. وأضاف أن أردوغان «طرح قبل قرابة شهر هذه المسألة المتعلقة بإجلاء 700 مدني إلى تركيا لتلقي العلاج، وقالوا (روسيا) إنهم أخرجوا هؤلاء المدنيين ولكن لم يأتوا إلى تركيا، وحينها قالوا أيضاً إنه تم إرسالهم إلى جنوبدمشق». وأردف: «خرجوا من الغوطة وهذا صحيح، لكن لم يأتوا إلى تركيا، وتلقينا معلومات بأنهم ذهبوا إلى الجنوب (جنوبدمشق)».