شهدت الهدنة الإنسانية القصيرة التي أعلنتها روسيا في الغوطة الشرقية أمس، انتهاكات عدة مع مواصلة قوات النظام قصفها على المنطقة المحاصرة، وإن بوتيرة أقل عن الأيام السابقة، فيما لم يسجل خروج أي من المدنيين عبر «الممر الإنساني» الذي حددته موسكو. وأحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» خلال ساعات الهدنة، مقتل مدنيين وإصابة ستة آخرين في قصف لقوات النظام استهدف بلدة جسرين، تزامناً مع إصابة عشرة مدنيين آخرين بجروح في غارة جوية على مسرابا. وأفاد عن غارات وقصف بالبراميل المتفجرة والقذائف استهدف عشر بلدات ومدن على الأقل خلال ساعات الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ عند التاسعة صباحاً بتوقيت دمشق، واستمرت حتى الثانية بعد الظهر. ويأتي بدء تطبيق الهدنة الروسية بعدما تبنى مجلس الأمن الدولي ليل السبت قراراً ينص على وقف شامل لإطلاق النار في سورية «من دون تأخير»، لم يحل من دون استمرار قوات النظام استهدافها للمنطقة المحاصرة وإن بوتيرة أقل. وأكدت الأممالمتحدة استمرار المعارك أمس. وقال الناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ينس لاركي للصحافيين في جنيف: «القتال مستمر هذا الصباح (أمس)، وفقاً للتقارير الواردة إلينا من الغوطة الشرقية... ولا يزال من المبكر الحديث عن أي عمليات إغاثة للمدنيين في ظل تواصل الاشتباكات». وبعد تسعة أيام من قصف عنيف أودى بحياة أكثر من 560 مدنياً في هذه المنطقة المحاصرة، أعلنت موسكو الاثنين عن هدنة إنسانية يُفترض أن تطبق يومياً لمدة خمس ساعات، على أن يُفتح خلالها «ممر إنساني» عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرقي مدينة دوما، لخروج المدنيين، وفق الإعلان الروسي. ولم يصدر أي بيان رسمي في شأن الهدنة من الجيش السوري. وأكد «المرصد» أنه لم يُسجّل عبور أي من المدنيين خلال ساعات الهدنة عبر هذا المعبر، فيما أفاد الإعلام الرسمي السوري عن استهداف المعبر بخمس قذائف «لمنع خروجهم (المدنيين) ومواصلة استخدامهم دروعاً بشرية». ونقل التلفزيون الرسمي السوري بثاً مباشراً من نقاط القوات الحكومية عند معبر الوافدين، حيث توقفت حافلات وسيارات إسعاف في المكان الذي خيّم عليه الهدوء. ونفى مسلحو المعارضة اتهامات روسية وسورية بمنع المدنيين من مغادرة المنطقة أو استهداف ممر خروج المدنيين، الذي حددته موسكو بموجب الهدنة. وقال ياسر دلوان رئيس المكتب السياسي ل»جيش الإسلام»: «لم نمنع أحداً والمدنيون يتخذون قرارهم»، مضيفاً أن «القوات النظامية وروسيا تمنعان ذلك وتستمران بقصف المدنيين، الذي لم يتوقف بعد قرار مجلس الأمن، ولا حتى بعد المراوغة الروسية بهدنة الخمس ساعات». وأكد أن البراميل المتفجرة لا تزال تستهدف الغوطة، معتبراً أن «ذلك ما يمنعهم من الحركة حتى الخروج من الملاجئ والأقبية إضافة إلى الحصار والجوع». وأشار إلى أن «خروج مجموعات من المدنيين في شكل إجباري جريمة لا تقل بشاعة عن القصف». وقالت الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف يولاندا جاكميه، رداً على سؤال عن خروج مدنيين: «على حد علمنا، لا»، موضحة أنه «لم تحصل أي من قوافلنا على الضوء الأخضر حتى الآن». وأوضحت أنه «وفقاً للقانون الإنساني الدولي، يجب التخطيط جيداً للممرات الإنسانية وتنفيذها بموافقة جميع الأطراف، وليس طرفاً واحداً فقط». ولفت الناطق باسم منظمة «الصحة العالمية» طارق جسارفيتش، إلى أن أكثر من 1000 مريض وجريح على قائمة «الهلال الأحمر العربي السوري» يحتاجون الى إجلائهم، وأضاف: «لكن ليس لدينا أي معلومات حديثة في شأن حدوث شيء من هذا القبيل الآن أو قريباً».