فشل اليوم الثاني من الهدنة الروسية التي تقتصر مدتها على خمس ساعات يومياً في إقناع المدنيين من الخروج من الغوطة الشرقية المحاصرة عبر ممرّ حدّدته موسكو التي اتهمت فصائل المعارضة بمنع السكان من المغادرة. وفي وقت أعلنت روسيا عدم ممانعتها خروج «الإرهابيين» في المنطقة ونقلهم إلى منطقة أخرى، حذرت الأممالمتحدة من عدم تطبيق الهدنة في سورية بعد أيام من قرار مجلس الأمن الرقم 2401. وفي تماهٍ كامل مع وجهة نظر النظام السوري، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الغوطة الشرقية تستخدَم قاعدةً لقصف مناطق أخرى في سورية. وقال في مؤتمر صحافي مع المستشار النمسوي سيباستيان كورتس، إن هناك «منظمات إرهابية داخل الغوطة»، مشيراً إلى أن «مجموعة واحدة من المدنيين غادرت المنطقة» من دون توضيح موعد مغادرتها. وأمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، إن «المسلحين في الغوطة يواصلون قصف دمشق ومنع إيصال مساعدات وإجلاء الراغبين بمغادرة» المنطقة، فيما قال مصدر عسكري سوري إن «الممر الإنساني مفتوح، لكن حتى الآن ونحن في اليوم الثاني لم يأت أحد»، متهماً «الإرهابيين بإعاقة من يحاول التقدم، سواء من الداخل بالضغط عليهم أو باستهداف الممرات الإنسانية». إلى ذلك، شدد لافروف على أن بلاده لا تعارض خروج مقاتلي «جبهة النصرة» من الغوطة الشرقية. وأعرب عن استعداده لمناقشة أي «خيارات تسمح بوقف نشاط الإرهابيين، وإذا كان هناك إمكان لنقلهم إلى مكان آخر فنحن لن نعارض ذلك»، مذكراً ب «خروج طوعي للمسلحين مع عائلاتهم في حلب الشرقية». وفي السياق ذاته، اتهم الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف من وصفهم ب «الإرهابيين» في الغوطة، بالعمل على «عدم تسوية الوضع». في المقابل، نفى الناطق باسم «جيش الإسلام»، أبرز فصائل الغوطة الشرقية، حمزة بيرقدار، استهداف المعبر، معتبراً أن «أهالي الغوطة يرفضون الخروج». وخلال الساعات الخمس من الهدنة أمس، طغى هدوء على الغوطة الشرقية قطعه تساقط بعض القذائف لكن فور انتهاء الهدنة عند الساعة الثانية ظهراً، عادت الطائرات والمروحيات إلى الأجواء لتستهدف مدينة دوما وبلدة أوتايا. ووثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل ثلاثة مدنيين في دوما قبل الهدنة وشخص واحد في أوتايا بعد انتهائها. في الوقت ذاته، تواصلت المعارك على محاور في جنوب الغوطة الشرقية وشرقها. ووثّق «المرصد» مقتل 38 عنصراً من قوات النظام و12 مسلحاً من «جيش الإسلام» خلال معارك في منطقة المرج. وذكر بيان للخارجية الروسية أن لافروف والمبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، بحثا في تخفيف حدة الأزمة الإنسانية في سورية بعد تبني مجلس الأمن القرار 2401 وتنفيذ قرارات مؤتمر «الحوار الوطني السوري» الذي عُقد في سوتشي أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي، وفي مقدمها تشكيل لجنة دستورية تضم ممثلين عن دمشق وطيفاً واسعاً من المعارضة السورية. وفي جلسة للاستماع إلى تقرير في شأن الوضع الإنساني في سورية، أشار وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، إلى أن قرار الهدنة لم ينفذ في سورية حتى الآن، لافتاً إلى أن هدنة ال5 ساعات التي أعلنتها روسيا في الغوطة لا تكفي لدخول قافلة مساعدات. وحذر من أن سورية تشهد المزيد من الوفيات بسبب الجوع والمرض والقصف المتواصل. وأكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان، أن الأممالمتحدة ستواصل المطالبة بالعدالة وملاحقة المسؤولين عن الجرائم في سورية. على صعيد آخر، كشفت قناة «فوكس نيوز» الأميركية، أن إيران تبني قاعدة عسكرية أخرى في سورية، تحوي مستودعين لتخزين صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى ومعدات عسكرية أخرى. ونشرت القناة صوراً وفيديوات التقطت عبر الأقمار الصناعية، تؤكد أن القاعدة الإيرانية التي تديرها وحدات من «فيلق القدس» التابعة ل «الحرس الثوري الإيراني» تقع على بُعد 12 كيلومتراً غرب دمشق.