حمل حقوقيون وناشطون اجتماعيون أخيراً «الجهل» مسؤولية غياب ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع السعودي، ولكنهم على رغم اتفاقهم رمي الكرة في ملعب «الجهل»، اختلفوا في تحديد الأسباب الرئيسة في انتشار هذه الظاهرة بين شرائح المجتمع. وقال المشرف العام على فرع هيئة حقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة إبراهيم النحياني ل «الحياة» على هامش ورشة عمل نظمت في محافظة جدة: «إن أسباب غياب حقوق الإنسان في السعودية، إلى عدم فهم وإدراك الناس لحقوقهم»، لافتاً إلى أن تلك الحقوق موجودة في النظام الأساسي للحكم ونظام الإجراءات الجزائية. وطرحت ورشة عمل نظمتها هيئة حقوق الإنسان في السعودية نقاشاً وجدلاً كبيرين في حضور حقوقيين وقضاة ورجال أمن وأطباء وناشطين اجتماعيين، إضافة إلى عدد من النساء اللائي شاركن في الورشة التي حملت عنوان «حقوق الإنسان...الواقع والمأمول». وأكد النحياني أن الورشة تضمنت مشاركة شريحتين من العنصرين الرجالي والنسائي وبنفس التخصصات والمناشط من حقوقيين وحقوقيات وأطباء وطبيبات وناشطين وناشطات اجتماعيات. وتابع: «كما يعلم الجميع أن الملك وافق على نشر ثقافة حقوق الإنسان وعهد إلى الهيئة بتولي هذه المهمة وبناء على ذلك بدأنا عقد الورشة التي تأتي لنشر ثقافة حقوق الإنسان. وأضاف: «مجرد رصد جميع الآراء من طريق المجموعات التي شكلت يعتبر راصداً لحلقة النقاش في الورشة»، منوهاً بأن هذه الآراء تستفيد منها «الهيئة» في المستقبل من الأيام في أطروحات معينة تتعلق بنشر ثقافة حقوق الإنسان ورفع وعي المواطن والمقيم بشأنها. ولفت النحياني إلى أن نقطة التحول في الأمر الملكي هي الشراكة التي ستكون مع الوزارات بما فيها وزارتا التعليم العالي والتربية والتعليم من خلال اعتماد محاضرات أو مواد دراسية تتحدث عن حقوق الإنسان. وفي الورشة، وضع حقوقيون وحقوقيات وناشطون اجتماعيون وناشطات وقانونيون وقضاة «الجهل بحقوق الإنسان» أبرز أسباب عدم حصول السعوديين على حقوقهم في بعض الأمور، خصوصاً النساء اللائي يجهل بعضهن مصيرهن مع أزواجهن، لا سيما ممن يرغبن في الانفصال عن حياتهن الزوجية. وأرجع المشاركون في الورشة سبب الجهل بهذا الجانب إلى حداثة التطرق إلى الموضوع في السعودية، في حين رفض مجموعة من المشاركين الرأي، ورأوا أن هذا الكلام غير منطقي وأن حقوق الإنسان موجودة منذ فجر الإسلام وليس منذ سبعة أو ثمانية أعوام. بدورهم، عزا بعض آخر من المشاركين الجهل وغياب حقوق الإنسان إلى عدم وجود مادة تعليمية توضح للنشء أن له حقوقاً، إضافة إلى الظلم الاجتماعي وعدم الرضا عن الأحكام القضائية، وضعف دور المجتمع المدني، والضعف في الجانب الإعلامي بحقوق الإنسان، وعدم إدراك المواطنين لحقوقهم في الدوائر الحكومية، والخوف من التقدم بالشكوى وعدم معرفة النتيجة. وقسم المشاركون مجالات حقوق الإنسان إلى أقسام عدة بحسب المناقشات التي جرت في الورشة منها حقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والدينية، والصحية، والثقافية، والفكرية، والتعليمية. وشدد بعضهم على أن حقوق الإنسان تتمثل في حفظ الضروريات الخمس (وهي الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعرض) وبذلك تضمن حقوق الإنسان كاملة. وتهدف ورش العمل إلى تحديد واقع حقوق الإنسان في المجتمع كما يدركه المشاركون في ورش العمل، والتعرف على أولويات قضايا حقوق الإنسان من وجهة نظر المختصين، واستكشاف مدى الوعي بتلك الحقوق في المجتمع ومؤسساته، وتحديد الدور المأمول من المؤسسات ذات العلاقة في تنمية الوعي بثقافة حقوق الإنسان، وتحديد معوقات نشرها، وإعداد رؤية مستقبلية لحقوق الإنسان في المجتمع السعودي، واقتراح سبل وآليات لنشر ثقافتها في المجتمع.