صوّت المؤتمر العام للحزب المسيحي الديموقراطي بزعامة أنغيلا مركل، بغالبية ساحقة على تشكيل حكومة ائتلافية مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، ما يعزز حظوظها بولاية رابعة مستشارة لأبرز اقتصادات أوروبا. وأعلنت مركل تعيين رئيسة حكومة ولاية سارلاند الصغيرة أنغريت كرامب- كارنبوير، في منصب الأمين العام للحزب. وعُقد المؤتمر في برلين، بعد اختيار مركل حكومة جديدة وزراؤها من الشباب، لضخّ دم جديد في الحزب وإنهاء خلافات في شأن كيفية مواجهة صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف. ويتطلّب الاتفاق النهائي موافقة الاشتراكيين، في اقتراع مرتقب تعلن نتيجته في 4 آذار (مارس) المقبل. وسعت مركل إلى حشد الدعم لاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، متعهدة إجراءات تساهم في دعم المجتمع وتعزيز القوانين، وسط نزاعات داخلية عرفها الحزب في السنوات الأخيرة، وإعراض مؤيّدين عن سياستها الوسطية، على رغم النموّ الاقتصادي الذي ميّز حكمها. وكانت دفعت ثمناً سياسياً باهظاً لقاء تحالف كان خيارها الوحيد لتشكيل غالبية في مجلس النواب، واضطرت إلى التخلي عن وزارة المال التي يعتبرها المحافظون ضمانة لسياسة مالية صارمة في ألمانيا وأوروبا، لمصلحة الحزب الاشتراكي، لإقناعه بالانضمام إلى حكومتها. كما عملت على امتصاص غضب الجناح اليميني في الحزب، قبل عقد المؤتمر، فأعلنت منح ينس شبان حقيبة الصحة في حكومتها العتيدة، معتبرةً أن وجوده في الحكومة يعكس «تعددية الحزب». ويرى شبان (37 سنة)، وهو أبرز معارضي نهج مركل داخل حزبها، أن الاتحاد المسيحي الديموقراطي بات يتخذ منحى «اشتراكياً ديموقراطياً» أكثر مما ينبغي، مجاهراً بقربه الأيديولوجي من المستشار النمسوي الشاب سيباستيان كورتز الذي يحكم بلاده مع اليمين المتطرف، وبدعوته لأن ينحو الحزب نحو خط محافظ، لا سيّما في مسائل الهجرة والهوية، وهذا تغيير ترفضه مركل التي تعتزم إبقاء حزبها وسطياً. ويمهد تعيين أنغريت كرامب- كارنبوير، الملقبة «ميني مركل»، أميناً عاماً للحزب، لتوليها قيادة المحافظين في مرحلة ما بعد مركل. ويمكنها أن تكون صلة وصل مع الجناح اليميني، على رغم مؤشرات إلى أنها ستكون على خصومة مع ينس شبان. أما الوزراء الخمسة الذين تعتزم مركل تعيينهم من حزبها، إذا وافق الناشطون الاشتراكيون على التحالف، فجميعهم موالون لها. وبينهم أورسولا فون دير ليان التي ستحتفظ بحقيبة الدفاع، وبيتر ألتماير وزيراً للاقتصاد والطاقة، ويوليا كلوكنر وزيرة زراعة. لكن الأنظار تتجه إلى تغيير في برنامج الحزب، إذ يرى منتقدون لمركل أنه «إلى جانب الأفكار الاجتماعية والليبرالية على الصعيد الاقتصادي، يجب إعطاء جذورنا المحافظة مزيداً من الاهتمام، في ما يتعلق بالقيم».