واشنطن، لشبونة - أ ف ب، رويترز - انتهت مساء أمس، مهلة الترشيح لمنصب المدير العام لصندوق النقد الدولي، فيما تبدو وزيرة المال الفرنسية كريستين لاغارد الأوفر حظاً للفوز به، بعدما لم يحصل منافسها الرئيس حاكم البنك المركزي المكسيكي اوغوستن كارتنس على أي دعم من الدول الكبرى. وبينما يركز الصندوق على مشكلات الديون في بعض الدول الاوروبية، يتوقع ان تبقي لاغارد هيمنة أوروبا على هذا المنصب على رغم أن الكثير من الخبراء يرون أن كارتنس يملك مؤهلات افضل. ويسعى الاثنان الى الحصول على دعم قادة في العالم لترشيحهم لهذا المنصب قبل موعد اختيار المدير العام الجديد المرتقب بحلول نهاية الشهر الجاري. وغادرت لاغارد الصين الخميس الماضي، متوجهة الى لشبونة للمشاركة في لقاء «بنك التنمية الافريقي» ثم ستزور السعودية ومصر. وفي هذا الوقت يزور كارتنس الهند ويصل الى واشنطن الاسبوع المقبل. ويعتبر كثر أن فرص كارتنس في هزم منافسته الاوروبية ضئيلة جداً، نظراً إلى عمق ضلوع صندوق النقد الدولي في الازمة الاوروبية. وقال الخبير الاقتصادي في معهد «بروكينغز» كولن برادفورد: «في هذه الظروف من الصعب الفوز في منافسة مع كريستين لاغارد». وأضاف: «من الواضح أنها مرشحة جيدة، ولم يتمكن كارتنس من الحصول على تأييد كاف». وكان متوقعاً أن يكون ثلاثة اشخاص قدموا ترشيحهم عند اغلاق باب الترشيحات لخلافة دومينيك ستروس - كان الذي استقال الشهر الماضي بعدما وجهت إليه اتهامات بالاعتداء الجنسي في نيويورك، وهم لاغارد وكارتنس وحاكم البنك المركزي الكازاخستاني غريغوري مارتشنكو. وأشارت تقارير أول من أمس، الى ان جنوب افريقيا قد تقدم مرشحاً هو وزير التخطيط في حكومتها تريفور مانويل بدعم من دول افريقية عدة. وأثار توقيف ستروس - كان قبيل مغادرته نيويورك في 14 أيار (مايو) الماضي، تحركاً منسقاً من اوروبا لتقديم مرشح اوروبي لرئاسة هذه المؤسسة الدولية. وقوبل ذلك بدعوات كثيفة من الاقتصادات الناشئة لخرق هذه القاعدة غير المكتوبة التي تعود الى فترة تأسيس صندوق النقد الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تمنح اوروبا منصب المدير العام، والولايات المتحدة رئاسة البنك الدولي. لكن كارتنس نائب مدير صندوق النقد الدولي سابقاً، لم يتمكن من تشكيل تحالف من الاقتصادات الناشئة لدعم ترشيحه او الحصول على دعم متين من دول أميركا اللاتينية. كما أن أياً من دول «بريك» الناشئة (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريفيا) لم تدعم ترشيحه، فيما يسعى مجلس ادارة صندوق النقد الى اتخاذ قراره بالتوافق بدلاً من التصويت. وقال عضو مجلس ادارة الصندوق سابقاً دومينيكو لومباردي: «في المجالس الخاصة، اتفقوا على أنهم سيدعمون لاغارد على الأرجح». وأضاف ان الدول الناشئة «ترى انها تشكل سنداً قوياً لمواجهة الازمة الاوروبية». ويتوقع ان يكون التزام صندوق النقد الدولي الكبير في انقاذ اقتصادات إرلندا والبرتغال واليونان، عاملاً حاسماً حين يجتمع اعضاء مجلس ادارة الصندوق ال 24 لمراجعة الترشيحات الاسبوع المقبل من أجل اتخاذ قرارهم قبل نهاية الشهر. وخاض الصندوق في الاسابيع الماضية مناقشات مع الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وجهات مالية خاصة حول منع انهيار خطة انقاذ اليونان البالغة 110 بلايين يورو، والتي يرى الكثير من الخبراء انها لم تنطلق على اسس جيدة منذ البداية. واعتبر كارتنس وآخرون من منتقدي لاغارد، أن تصميمها على الدفاع عن اعضاء منطقة اليورو ال 17 يشكل خطراً على صندوق النقد الدولي. ورأى سيباستيان مالابي من مجلس العلاقات الخارجية، أن كارتنس في امكانه ان يقدم «مقاربة جديدة». وأضاف: «من غير المرجح أن تقوم لاغارد بذلك لانها بصفتها وزيرة للمال في فرنسا، كانت جزءاً من الفريق الذي سبب الفوضى في الاساس». وشددت لاغارد على انها لا تمثل اوروبا فقط. لكن جهود اوروبا لتمرير خيارها اثار انتقادات عالمية. في المقابل، اعلن مارتشنكو في تصريح الى صحيفة «التلغراف» انه عرف عبر رسالة نصية باحتمال توصل مجموعة «بريكس» الى توافق لترشيحه، مشيراً الى وجود «اتفاق» حول لاغارد منذ البداية. وفي ما يتعلق بمرشح جنوب أفريقيا، نقلت مجلة «الأسواق الناشئة» عن مصدر في بريتوريا قوله إن «مانويل حصل على تأييد رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما وان ترشيحه سيعلن رسمياً». وأكد الناطق باسم زوما زيزي كودوا في تصريح الى وكالة «رويترز»، انه ليس على علم بأي اعلان وشيك. وقال: «انها مجرد إشاعة». وكان الاتحاد الأفريقي وهو أحدث صوت من الدول النامية، أعلن أول من أمس أنه يود أن يرى شخصاً غير أوروبي في منصب رئيس الصندوق، وأنه يفضل أن يذهب المنصب لأفريقي، لكنه لم يسم مرشحاً. وأجرى مانويل الذي حظي باشادة دولية لمعالجته المتأنية لاكبر اقتصاد في أفريقيا لأكثر من عشر سنوات، مقابلة مع راديو «اس ايه بي سي» استغرقت أكثر من ساعة صباح أمس، لكن لم يرد من جانبه أو من جانب مقدم البرنامج اي اشارة الى مسألة الترشح. اما كارتنس فوجّه من نيودلهي أمس، دعوة إلى الدول الناشئة الى دعم ترشحيه. ونال حتى الآن دعم حوالى 12 دولة من اميركا اللاتينية. ويأمل بالاستفادة من انتقادات الدول النامية لا سيما مجموعة «بريك»، لهيمنة اوروبا على هذا المنصب. وأجرى حاكم البنك المركزي المكسيكي سلسلة لقاءات مماثلة لتلك التي اجرتها لاغارد الثلثاء الماضي، مع رئيس الوزراء منموهان سينغ ووزير المال براناب موكيرجي ورئيس لجنة التخطيط مونتيك سينغ اهلوواليا. وللدفاع عن ترشيحه يشير كارتنس الى انه لا تنقصه الخبرة إذ كان وزيراً للمال (2006-2009) وتولى سابقاً منصب نائب مدير صندوق النقد الدولي (2003-2006). وسيزور واشنطن الاثنين حيث يلقي خطاباً حول ترشيحه ثم يتوجه الى بكين في 16 الجاري، كما فعلت لاغارد ايضاً.