في ظل التفاعل بين وسائط الإعلام العام الراسخة (صحف، مجلات، تلفزة، راديو...)، والأدوات المتكاثرة للإعلام الرقمي، تبرز مسألة التفاعل بين شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي. وطري في الذاكرة أن الأرقام تؤكّد الانتشار الانفجاري ل «يوتيوب» في المنطقة العربيّة، بل إنه يفوق ما يحصل عالميّاً. وفي مصر، يبدي إعلاميّون شباب اهتماماً كبيراً بذلك التفاعل، بل يعملون على الانخراط فيه سعياً إلى الاستفادة منه. في ذلك السياق، شهدت القاهرة تجربة ملفتة خاضها الإعلامي الزميل محمد مجدي الذي يؤمن بأن أزمة صحافة الورق توجب على العاملين فيها إعادة فهم المزاج العام للجمهور. وعقد مجدي العزم على استيلاد تجربة مبتكرة تستند إلى العلاقة التفاعلية بين الشاشة الفضيّة والإنترنت. واستخدم أشرطة «يوتيوب» في تقديم برنامج مرئي- مسموع يستند إلى تاريخ التلفزة في برامج المقابلات. وحقّقت الحلقات الأولى لبرنامجه «سِرَّك في بير (بئر)» نجاحاً في حجم المشاهدات الكبيرة على «يوتيوب». إذ استضاف عدداً من المشاهير بينهم رجل الأعمال نجيب ساويرس، ووزير الثقافة السابق فاروق حسني، والمخرج خالد يوسف، ورئيس مجلس الشعب (البرلمان) السابق فتحي سرور، والرئيس المصري السابق عدلي منصور وغيرهم. وتناول تلك الشخصيات من زوايا غير مألوفة، بمعنى التركيز على البُعد الإنساني فيها، على غرار التطرّق إلى أسرار طفولتهم وسنوات شبابهم الأولى. وتطرّق مجدي إلى تحديات تلك التجربة: «واجهتني صعوبات جمة في صناعة ذلك المحتوى التلفزيوني الطابع. هناك شخصيات لا تقبل الحديث في نقاط «خفيّة» عن الناس، وتعتقد بأنّ هناك أجزاء في حياتها الاجتماعية والشخصية تمثّل خطاً أحمراً. في المقابل، أؤمن بأنه ينبغي على المشاهير والشخصيات العامة أن تقدم نفسها في شكل مختلف للجمهور، لاسيما أن قصص وصولها للنجاح بعد الإخفاقات قد تكون مؤثرة تماماً، ومفيدة للأجيال الشابة»، وفق كلمات مجدي. أشار مجدي إلى أنّ برنامجه «سِرَّك...» حقّق نصف مليون مشاهدة في يومه الأول، ما يعني أن الجمهور أُعجِبَ بالمحتوى. وأوضح أن ذلك شجعّه على إعداد موسم ثانٍ للبرنامج، مع إحداث تطوّر فيه. وأضاف: «استضافة آباء المشاهير كي يقصّوا للمشاهد عن طبيعة حياتهم في الطفولة ومرحلة التكوين من الطفولة إلى مقتبل الشباب، والتي لا نعلم عنها شيئاً في أغلب الأحيان». ولفت إلى شهرة برامج الترفيه في الولاياتالمتحدة على غرار برنامج «تونايت شو» الذي يحقّق نجاحاً كبيراً فيها، مع وجود تجارب قويّة لمذيعين من بينهم ستيف هارفي وجيمي فالون. وفي منحى تأثير مواقع ال «سوشال ميديا» (من بينها «يوتيوب») على التلفزة، أورد مجدي أن برنامجه لفت أنظار عدد من القنوات التلفزيونيّة، فتواصلت معه في شأنه. ولفت إلى أنّه يعتبر «الظهور إلى الرأي العام عبر التلفزيون مسؤولية كبيرة... ما يشغلني الآن هو مستقبل التجربة وليس موضع عرضها، خصوصاً أن «يوتيوب» ومواقع التواصل الاجتماعي أضحت مساوية للتلفزيون. لذا، أحب الظهور أمام جمهور التلفزيون عبر تجربة مختلفة».