منذ سنوات، تحاول برامح تلفزيونية غربية الاستفادة من شعبية بعض أفلام الهواة على الإنترنت وتقديمها عبر أُطر تناسب التركيبة التلفزيونية. ما تحقق حتى اليوم لم يخرج في مجمله عن تجميع بعض من هذه المواد الفيلمية –الكوميدية بالتحديد- وعرضها ضمن برامج تلفزيونية تتوخى الترفيه المُبسط الذي لا يبذل بالحقيقة جهوداً تذكر في دراسة ظاهرة نجاح هذه الأفلام، أو بشكل أعمّ علاقة المحتوى الذي يوفره موقع مثل «يوتيوب» بالجمهور، ولماذا تحقق أفلام بعينها نجاحاً أكبر من غيرها، والدوافع التي تقف وراء توجه هواة إلى إنتاج الأفلام، وأحياناً البدء بقنوات خاصة على موقع «يوتيوب»، بعضها يجذب ملايين المشاهدات شهرياً. يقف برنامج «ساحة لعب أصحاب القنوات»، الذي أنتجته النسخة الهولندية لقناة «فوكس» الأميركية، في مكان وسط بين أنواع البرامج التلفزيونية التي قاربت محتوى الإنترنت. فهو لن يكتفي بعرض الأفلام التي صوّرها أصحاب قنوات هولنديون معروفون على «يوتيوب»، لكنه يبدأ حوارات مع هؤلاء في الإستوديو الذي تم تحويله ساحة لعب فعليّة، تنظّم فيها مسابقات بدنية تتعمد أن تظهر الكوميديا التي يحملها أصحاب القنوات. فضل البرنامج التلفزيوني المحتوى الكوميدي للإنترنت لإبرازه عبر حلقاته. هو بهذا يتبع تقاليد عمرها عقد كامل بالتركيز على الكوميديا على الإنترنت. على رغم أن هذه الأخيرة لم تعد فقط أفلاماً لأطفال أو قطط، بل تحولت منذ سنوات عالماً واسعاً من التجارب، وصناعة عملاقة. لم يحاول البرنامج مثلاً تقديم تجارب أصحاب قنوات هولنديين بعيدين عن الكوميديا، من الذين أبرزتهم برامج أميركية أو إنكليزية، لنجاحهم بجذب ملايين المشاهدين حول العالم إلى المحتوى المتنوع الذي يقدمونه، كالتمارين الرياضية أو مهارات يدوية مثل الرسم وغيره. في المقابل احتفى برنامج «ساحة لعب أصحاب القنوات» بأصحاب القنوات التي تقدم الكوميديا، والتي يقف وراء شباب يقدمون مواقف هزلية يكونون هم أنفسهم أبطالها. بعضها يسير على غرار ما تقدمه برامج الكاميرا الخفية التلفزيونية، فيما يقلد البعض الآخر برامج تلفزيونية أميركية، من التي يخاطر الهواة أو المحترفون فيها بالقيام بأفعال وتحديات كوميدية، يكون الفشل أو النجاح فيها سيان في إثارة الضحكات. من مشتركي البرنامج، شاب من أصول عربية، لفت الأنظار بموهبته الكوميدية البعيدة عن أسلوب الحركات أو التحديات الجسدية، بل هو يعمل باتجاه مغاير للسائد، عبر تسجيله لحياته اليومية، وعرضها بأسلوب قاتم وإنما يحمل الكثير من المفارقات والكوميديا، يكشفها من دون حرج على المشاهدين. يشبه ما يقدمه الشاب هذا، أسلوب المسلسلات التلفزيونية، حيث يمكن تتبع حياة الشخصية، عبر الأفلام التي يضعها على قناته الخاصة على «يوتيوب». وبعدما كانت الأفلام الصدفة التي لا يعرف أصحابها هي التي تثير كل الاهتمام على «يوتيوب»، يختلف المشهد اليوم. فهناك الآلاف من أصحاب القنوات على الموقع، يقدمون في شكل دوري أفلاماً مخططاً لها، بل إن بعضها تقف خلفه فرق إنتاج صغيرة. يتفاعل البرنامج التلفزيوني مع هذه التغييرات، فيهتم بحواراته مع ضيوفه من أصحاب القنوات بتفاصيل التخطيط لأفلام جديدة، وطرق العمل. أبدى بعض أصحاب القنوات الذين ظهروا في البرنامج رغبتهم في الانتقال إلى التلفزيون. نعرف أن هناك أمثلة على انتقالات ناجحة من الإنترنت إلى التلفزيون، رعتها قنوات تلفزيونية غربية، سعت للاستفادة من شعبية بعض المشاهير على الإنترنت. في حين ما زال معظم أصحاب القنوات الشباب يعتبرون ما يقومون به هو هواية ينفسون عبرها عن مواهبهم الفنيّة، إذ عوض الإنترنت بالحريات التي يمنحها، ما كان يمثله المسرح المدرسي مثلاً. كما أن بعضاً من أصحاب القنوات نجح في تحويل هوايته مصدراً جيداً لجني الأموال، ذلك أن موقع «يوتيوب» يدفع مبالغ شهرية لأصحاب القنوات التي تجذب أعداداً معينة من المشاهدين.