كنت أراجع بريدي، وأنظر بين الفينة والأخرى إلى التلفاز، كان البرنامج المعروض يتحدث عن أحلام النساء العربيات، وتم عرض روبروتاج عن النساء في كل الدول العربية، بما فيها السعودية، كان الكلام لإحدى السيدات السعوديات التي تحدثت بحرقة بالغة عن المحاكم وعن ضرورة وجود عنصر نسائي تتحدث إليه الزوجة بشفافية عن أسباب طلبها الطلاق أو الخلع، لأن بعض الأمور في الزواج خاصة جداً وحساسة جداً ومؤثرة جداً في قرار القضاة، لو استطاعت الزوجات الإفصاح عنها أمام عدد كبير من الرجال، بمن فيهم زوجها أو من تنوي خلعه. انتهيت من الفقرة المرئية، لأفاجأ برسالة بريدية تقول لي فيها صاحبتها إنها طلبت الطلاق للضرر، وحصلت عليه بعد معاناة طويلة، كون زوجها السابق مدمناً ومتعاطياً للحبوب المنشطة والحشيش، وحلمت كثيراً بأن تكون جلسة الطلاق مرتبطة بجلسة حضانة الأطفال، حتى تبعد شبح الخطر عن أولادها، خصوصاً الفتيات على رغم وجود الخطر نفسه على الصبيان أيضاً، وهي لا تستطيع بالطبع الاحتفاظ بالأطفال، كون زوجها يرفض ذلك. خلاصة القول رفعت قضية حضانة مستعجلة، كون مدرسة ابنتها أخبرتها بأن هناك شيئاً غريباً يحدث لابنتها ذات السنوات العشر، جعلها تتراجع دراسياً، وتحاول إيذاء نفسها، وتحققت المدرسة من ذلك، واكتشفت كما كتبت الأم أن والد الفتاة يتحرش بها جنسياً، ويجبرها على تصرفات لا أخلاقية، تقول السيدة أخبرت القاضي بذلك، واستحلفته بأن تكون الجلسة سرية، حتى تستطيع الفتاة التحدث معه لإخباره بما يحدث معها، قام القاضي بعدها باستجواب الأب الذي أنكر التهمة بالطبع، ونظراً لعدم وجود شهود، وعدم تضرر الفتاة حتى اللحظة فعلياً، سمح له باصطحابها معه للمنزل وسط عويل الأم وصراخها وخوفها على ابنتها مما سيحدث لها بعد إفصاحها أمام القاضي. وبعد ساعة فقط تلقت اتصالاً من ابنتها تبكي وتصرخ وتشتمها، كونها طمأنتها بأن لا شيء سيحدث لها، وبأنها ستكون في أيد أمينة حتى لو أبقيت في إحدى دور الحماية أو تم استدعاء متخصصين ومتخصصات في الموضوع قادرين على التحقق بكل الطرق المتاحة - عن طريق الرسم واللعب والأسئلة الذكية والتصوير - من الفتاة، وحتى يتم ذلك يجب إبعادها عن المشتبه به وإجباره على العلاج - لا أن يسمح له بتسلم طفلته والذهاب معها وهو في حال شديدة من الغضب - لا يؤمن شروره، والضحية فتاة لا تستطيع مهما فعلت الدفاع عن نفسها. الشهر الماضي قام أب مدمن باغتصاب طفلته في مكة، وتم إلقاء القبض عليه وهو يقوم بفعلته، بعد أن أبلغت زوجته (وليست والدتها) الشرطة، بوجود تصرفات غير مقبولة حكت لها عنها الفتاة، وشاهدت بعضها خلسة. بالطبع سعيدة بإلقاء القبض على المجرم، على رغم أنه حدث بعد «خراب مالطة» كما يقولون، أعطوني نموذجاً لفتاة أعيد تأهيلها نفسياً واجتماعياً بعد تعرضها لحادثة اغتصاب، وتزيد العذاب عندما يكون من أحد المحارم. أؤمن إيماناً صادقاً بأن كثيراً من حوادث الاغتصاب والتحرش كان باستطاعتنا منعها، وحماية الضحايا المنتظرين لو كنا تعاملنا مع الموقف بحرفية وإنسانية، وقمنا بإبعاد الضحية عن المغتصب، حتى نتحقق، وحتى نعيد الصلة تدريجياً لو ثبت عكس ما سبق. من هنا أعلن احتياجنا لوجود متخصصين ومتخصصات في المحاكم، وهذا ما طالبت به عبر زاويتي مراراً وتكراراً، فهل وصلت رسالتي ورسالة الأم الملتاعة؟ [email protected]