اتهم وزير جزائري حزب «جبهة القوى الاشتراكية» المعارض بالوقوف وراء تجدّد «فتنة طائفية» في منطقة بريان التابعة لولاية غرداية (600 كلم جنوب العاصمة)، لكن الوزير نفى وجود صبغة «مذهبية» وراء الصراع بين سكان عرب وأمازيغ (سنّة وإباضيون). واتهم الوزير المنتدب في وزارة الداخلية دحو ولد قابلية المكلف ملف الجماعات المحلية، «جبهة القوى الاشتراكية»، أحد أكبر أحزاب المعارضة، بتحريك الفوضى في غرداية أول من أمس، وربطها بمحاكمة أحد نوابه الذي كان ضمن 42 موقوفاً مثلوا أمام نيابة محكمة بريان بتهم «التجمهر المسلح وحيازة السلاح الأبيض والضرب والجرح العمدي وتحطيم ملك الغير». وتخشى السلطات الجزائرية تجذر مفهوم «الفتنة الطائفية» في المنطقة عقب أكثر من عام كامل تجددت خلاله المواجهات بين الطرفين مرات عدة هوجمت خلالها مساجد للطرفين. وقال ولد قابلية إن «العناية التي توليها الدولة للولاية تهدف إلى تحقيق السلم». وأرجع المواجهات إلى «محاولة جبهة القوى الاشتراكية استغلال جماعات وعناصر لإثارة البلبلة». وعكس قراءات كثيرة في أصل الصراع الذي «يطحن» منطقة بريان، جاء تفسير الحكومة على لسان الوزير بأن «ما وقع ليست له علاقة بالصراع المذهبي، ولا يتعلق بالأوضاع الاجتماعية، بقدر ما له علاقة بخلفيات حزبية». وتمنى على الصحافة الجزائرية «أن لا تزيد من التأثير السلبي في هذه المسألة التي تبدو (الصحافة) أنها تثير القلاقل فيها ولا تحلّها». وتفجرت مواجهات عنيفة طوال الأسبوع الماضي خلّفت بضعة قتلى وعشرات الجرحى بين رجال أمن ومواطنين، وأُغلقت المتاجر وبعض المدارس، كما لحق دمار كبير بمرافق عمومية وأملاك خاصة. وشارك في المواجهات مئات من الشباب، ينتمي بعضهم إلى المذهب السنّي ويتحدث العربية، فيما البعض الآخر ينتمي إلى المذهب الإباضي ويتحدث الأمازيغية. وشهدت المنطقة نفسها أحداثاً مشابهة اتخذت بعداً عرقياً، خلفت قتلى وجرحى وخسائر مادية كبيرة. واعتقلت قوات الأمن عدداً من المتورطين في الأحداث. ويعزو مسؤولون المواجهات في تفسيرهم للأحداث إلى «تدخلات أجنبية». وسبق لوزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني أن ذكر أن أجهزة الأمن صادرت أجهزة كومبيوتر «عليها مناشير مكتوبة من الخارج، تحرض على الفتنة الطائفية». وخصصت الحكومة مخصصات مالية كبيرة لتنمية جنوب ولاية غرداية والنهوض ببعض القطاعات على خلفية الأحداث التي شهدتها المنطقة واستمرت أكثر من عام، بمذكرة تكميلية وقعها الوزير الأول أحمد أويحيى لتلحق بموازنة العام الجاري. وتوجه المخصصات إلى قطاعات السكن، والتكوين المهني، والزراعة، والشباب والرياضة، والبيئة، إضافة إلى ترميم المنشآت المتضررة وإنشاء وحدات سكنية للعائلات المنكوبة والمتضررة من الأحداث وتعويض الفلاحين المتضررين. ورفض ولد قابلية «الحكم على تدابير السلم الاجتماعي التي اتخذتها السلطات بالفشل». وقال إن «سياسة الحوار والاستماع إلى مختلف شرائح المجتمع في غرداية أسفرت عن نتائج إيجابية جداً تعاطى معها الجميع». وشدد على «ضرورة عدم الخلط بين ما يحدث من أعمال شغب، والخلفية الحقيقية للصراع الذي تختص به المنطقة».