دافع وزير الداخلية المصري منصور العيسوي أمس عن أداء وزارته التي لم تتمكن من ضبط الانفلات الأمني الذي أعقب انسحاب الشرطة في 28 كانون الثاني (يناير) الماضي وفتح السجون لإخراج آلاف المحكومين، معتبراً أن محاكمة الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين أمام أقسام الشرطة أحدثت «هزة كبيرة» لدى زملائهم. وأشار إلى أن 7 آلاف سجين ما زالوا فارين بعد تمكن أجهزة الأمن من القبض على 17 ألفاً آخرين، موضحاً أن «عدداً كبيراً من هؤلاء السجناء من المحكوم عليهم في قضايا جنائية، وبالقبض عليهم ستتم استعادة الأمن والقضاء على الانفلات، وستعود الأمور إلى طبيعتها». وقال العيسوي في تصريحات أمس: «كان يجب التفريق بين من يدافع عن منشآت عامة وحياة المواطنين (حق الدفاع الشرعي)، وبين من يهاجم المتظاهرين ويعتدي عليهم، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الضباط تخوف من مواجهة البلطجية نتيجة لهذا الخلط». وشدد على «ضرورة أن يتواجد جميع ضباط الشرطة ليقوموا بعملهم من دون أدنى تقاعس»، مهدداً بمعاقبة «أي ضابط يتقاعس عن أداء مهام عمله». وأشار إلى أنه «على رغم أن الإمكانات المادية لجهاز الشرطة حالياً أفضل بالمقارنة بالشهرين الماضيين، فإنه ما زالت هناك مشكلة بالنسبة إلى السيارات التي تحتاجها الوزارة في الدوريات الأمنية في مختلف المديريات». وأكد أن «عدد الضباط والأفراد وقوات الأمن مناسب تماماً لحاجات العمل في الفترة الحالية، بعد أن زال عن كاهل الشرطة الكثير من المهام التي كانت تثقلها، مثل التشريفات وفض الشغب والتصدي للتظاهرات... مهمة الشرطة الآن تنحصر فقط في تأمين المواطن والمنشآت العامة». وكان الوزير أعلن نقل سلفه حبيب العادلي ووزير السياحة السابق زهير جرانة ووزير الإسكان السابق أحمد المغربي من سجن المزرعة إلى سجن ليمان طرة «وفقاً للوائح وتعليمات السجون التي تقضي بضرورة قضاء جزء من العقوبة المشددة داخل أحد الليمانات». وكانت محكمة جنايات الجيزة قضت بحبس العادلي 12 عاماً لإدانته بتبييض الأموال والتربح من دون وجه حق، كما قضت بالسجن المشدد خمس سنوات لكل من جرانة والمغربي. في غضون ذلك، وقعت الحكومة أمس مع رئيس «شركة المملكة القابضة للتنمية» رجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال عقداً نهائياً لتسوية النزاع على أرض توشكى المخصصة لشركته، يقضي بإعادة 75 في المئة من الأرض إلى الدولة، لعدم التزام الشركة بمواعيد زراعتها، بدل من سحب الأرض كاملة. واعتبر رئيس الحكومة الدكتور عصام شرف توقيع العقد «صياغة تعاقدية قانونية تعبر عن نهج الحكومة لتشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية من خلال اتباع آليات التفاوض الودي للوصول إلى حلول مرضية للطرفين بما يتفق مع قوانين الدولة، ويعد نموذجاً يمكن وضعه في الاعتبار كحل قانوني، ما يجعله مثالاً يحتذى به لحل أية مشاكل أخرى معلقة، بما يخدم المصلحة العليا للدولة ويتحقق بالتبعية معه مصلحة المستثمر». وأكد أن «مؤشرات الاقتصاد المصري تبين سلامته، وأظهرت قدرته على الصعود وتحقيق أهدافه»، مشيداً ب «حرص الاستثمار العربي على التفاعل الإيجابي مع مقتضيات ما بعد الثورة، وحرصه على نجاحها وتحقيقها أهدافها الاقتصادية وإصراره على الوجود بالسوق المصرية». على صعيد آخر، تبدأ محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ في الجيزة في 3 تموز (يوليو) المقبل أولى جلسات محاكمة 48 متهماً في أحداث المواجهات الطائفية التي شهدها حي إمبابة الشعبي جنوبالقاهرة الشهر الماضي. وتتنوع الاتهامات بين «القتل العمد مع سبق الإصرار والشروع فيه وتعريض السلم العام للخطر وإحداث فتنة طائفية وإشعال النار عمداً في كنيسة، وإحراز أسلحة نارية وذخائر بغير ترخيص، تنفيذاً لغرض إرهابي، والتجمهر». وقُتل 12 شخصاً وجُرح 52 آخرين في المواجهات، كما احترقت كنيستا العذراء ومارمينا، بسبب خلاف على اعتناق مسيحية الإسلام. وتعد الأحكام الصادرة عن محاكم الطوارئ قطعية لا رجعة فيها ولا يجوز الطعن عليها بأي صورة من صور التقاضي، إذ يكتفى فيها بتصديق رئيس الجمهورية بصفته الحاكم العسكري الذي يملك إما التصديق على الحكم كما هو، أو إعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة محاكمة أخرى، أو تخفيف الحكم إذا رأى ضرورة لذلك. من جهة أخرى، قرر المستشار محمود السبروت رئيس هيئة التحقيق المنتدبة من وزير العدل في شأن وقائع الاعتداء على المتظاهرين في ميدان التحرير في 2 شباط (فبراير) الماضي التي عرفت إعلامياً ب «موقعة الجمل»، حبس النائب السابق المحامي سعيد عبدالخالق لمدة 15 يوماً رهن التحقيقات التي تجرى معه لضلوعه في تلك الاعتداءات. ونسبت هيئة التحقيق إلى عبدالخالق اتهامات ب «التحريض على قتل وإصابة المتظاهرين السلميين العزل في ميدان التحرير، من خلال الاتفاق والمساعدة على قتل والشروع في قتل عدد من المتظاهرين، وتنظيم وإدارة جماعات من البلطجية للاعتداء على المتظاهرين وقتلهم والاعتداء على حريتهم الشخصية والإضرار بالأمن والسلم العام». إلى ذلك، قرر رئيس جهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل أمس حبس وزير الإعلام السابق أنس الفقي 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي يباشرها معه الجهاز في شأن اتهامه «باستغلال نفوذ وسلطات وظيفته في تحقيق ثروات طائلة على نحو يمثل كسباً غير مشروع». وواجه الجهاز الفقي بتحريات وتقارير جهات رقابية عدة عن «ثروته المتضخمة بصورة لا تتناسب مع مصادر دخله المشروعة المقررة قانوناً». وتناولت التحقيقات تقريراً رقابياً عن حصول الفقي على شقة فارهة من رجل الأعمال المعروف هشام طلعت مصطفى في الإسكندرية نظير مبلغ نصف مليون جنيه، قبل أن يتنازل عنها بعد أسابيع لمصطفى مقابل 5 ملايين جنيه. وأشارت التحقيقات الى أن «الفقي تمت مواجهته أيضاً بموافقته على بث إعلانات ترويجية على التلفزيون الحكومي عن مشروع مدينتي الإسكاني المملوك لمجموعة طلعت مصطفى العقارية، على رغم صدور حكم قضائي بمنع بث أية إعلانات عن المشروع». ونفى الفقي الاتهامات. في موازاة ذلك، طاردت التظاهرات رئيس الوزراء خلال جولته أمس في محافظة الوادي الجديد، إذ انتشر محتجون على جانبي الطريق المؤدية إلى صومعة الغلال التي افتتحها شرف، وهم يحملون عشرات اللافتات التي تطالبه بالالتفات إلى معاناة المحافظة وهموم أبنائها. وأوقف شرف موكبه واستمع إلى عدد منهم، ووعدهم بحل المشاكل المتعلقة بعدم كفاية المرافق والخدمات العامة، كما وعدهم بتوفير فرص عمل. وعندما عاد شرف من جولته إلى مكتبه في القاهرة، فوجئ بتظاهرات أمام مكتبه. واخترق موكبه جموع المتظاهرين الذين هتفوا بمطالب متنوعة، من إقالة وزير البترول إلى رئيس جامعة الأزهر إلى وزراء التعليم والقوى العاملة والزراعة. وضمت التظاهرات أمام مجلس الوزراء أصحاب مطالب فردية. وأصيب شارع مجلس الشعب بالشلل وقطع المتظاهرون الطريق ومنعوا السيارات من المرور.